وأما خبر داود الرقي فالظاهر كون المراد الحكم بطلوعه في الليلة المستقبلة بمجرد عدم الرؤية في المشرق فيما قبل تلك الليلة عند الفجر ، وهو حينئذ خارج عما نحن فيه وإن كان أيضا لا عبرة بذلك كما أومأ إليه في الدروس بقوله : « ولا عبرة بعدم طلوعه من المشرق في دخول الشهر في الليلة المستقبلة إلا في رواية داود الرقي » بل واللمعة حيث قال : « ولا عبرة بالخفاء ليلتين في الحكم به بعدها » بناء على قراءتها بالثاء المنقطة من فوق ثلاثا ، فيكون عين ما في الدروس ، وربما يؤيده انه ليس في نص ولا فتوى اعتبار خفاء الليلتين حتى يكون إشارة اليه ، اللهم إلا ان يكون إشارة إلى ما يشعر به المرسل (١) عن الصادق عليهالسلام « قد يكون الهلال لليلة وثلث ، وليلة ونصف ، وليلة وثلثين ، وليلتين ، ولا يكون وهو لليلة » من ان منتهى الخفاء ليلتين ، وعلى كل حال لا عبرة بذلك لما نراه بالوجدان من الخفاء أزيد من ليلتين.
وأما مرسل الصدوق فهو مع عدم كونه حجة كخبر داود الرقي يجري فيه بعض ما ذكرنا.
وقد بان لك من ذلك كله انه لا يليق بالفقيه العارف بقواعد الفقه ولسانه الركون إلى هذه النصوص ، والاعراض عن تلك النصوص التي ادعي تواترها ، والموافقة مع ذلك لقوله (٢) ( لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ) بناء على إرادة الثلاثين منها مع قيام نحو هذه الامارات على ما أشار إليه بعض النصوص ، ولقوله تعالى (٣) : ( أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ ) كما أشار إليه بعض آخر ، وللأصل والإجماع المحكي وغيرها ، فما عن المرتضى رحمهالله في الناصريات من اعتبار ذلك حيث أنه
__________________
(١) المستدرك ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب أحكام شهر رمضان ـ الحديث ٢ وفي ذيله « ولليلتين إلا شيء ولليلة » كما في المقنع ص ٥٨ الطبع الحديث.
(٢) سورة البقرة ـ الآية ١٨١.
(٣) سورة البقرة ـ الآية ١٨٣.