به قبل المصنف ، نعم هو خيرة جماعة ممن تأخر عنه كالفاضل وثاني الشهيدين والصيمري وغيرهم ولكن هو أشبه بأصول المذهب وقواعده التي منها أصل البراءة وإطلاق نفي الحرج الشامل للنفس والمال وكما لا يشترط في غير الواجد الضعف أو المرض فكذا لا يشترط في الضعيف والمريض عدم الوجدان ، ولم يفرق أحد بين أصناف المعذورين ولمعلومية سقوط المباشرة عنه بالعجز الذي يتبعه سقوط النيابة ، لأنها تتبع وجوب المباشرة ، ودعوى كون الوجوب أصالة لا بطريق البدل يدفعها أنه خلاف ظاهر فرض موضوع المسألة ، بل لم أعرف قائلا بوجوب الجهاد بالمال مع الجهاد بالنفس ، وإن كان مقتضى ما استدل به للأول من قوله تعالى (١) ( وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ) بل وقوله تعالى (٢) ( وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ) باعتبار ذمه لهم على عدم الإنفاق ، وعموم الأوامر بالجهاد القابل للنيابة وخصوصا قوله تعالى ( وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ) (٣) فإن التأكيد مشعر بالمعذور ، وعموم الأمر (٤) بالمعاونة على البر والتقوى المندرج فيه المقام ، إلا أن ذلك كله كما ترى لا دلالة في شيء منه على وجوب الاستنابة مع العجز ، ودعوى أن الجهاد بالمال لا يكون إلا به في غير الجهاد بالنفس وإلا كان إنفاقا على نفسه لا جهادا بالمال ـ مع أنها لا تدل على الترتيب المزبور ضرورة إمكان وجوب الجهاد بالنفس والجهاد بالمال بمعنى تجهيز المعسرين له ـ يمكن منعها بمعلومية صدق الإنفاق في سبيل الله والمعاونة على ما هو أعمّ من بذل المال على نفسه حال
__________________
(١) و (٢) سورة التوبة ـ الآية ٤١ ـ ٨٢
(٣) سورة الحج ـ الآية ٧٧.
(٤) سورة المائدة ـ الآية ٣.