ضرورة اقتضاء النهي عن قرب المسجد الحرام الذي قد عرفت اشتراكه مع غيره في هذا الحكم ذلك ، وحينئذ فما دل (١) على جواز اجتياز الجنب في غير المسجدين خاص بالمسلمين دون غيرهم ، بل عن الشيخ عدم جواز دخولهم الحرم لا اجتيازا ولا استيطانا ، واختاره الفاضل وغيره بل لا أجد خلافا فيه بينهم معللا له بأنه المراد من المسجد الحرام في الآية بقرينة قوله (٢) ( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً ) إلى آخره وقوله تعالى (٣) ( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) مع أنه أسرى به من بيت أم هانئ ، بل لعل قول الأصحاب بعدم جواز الامتيار مشعر بإرادة ذلك ، ضرورة عدم الامتيار في نفس المسجد ، مضافا إلى ما دل (٤) على تعظيم الحرم على وجه ينبغي تنزيهه عنهم ، وإلى ما في الدعائم (٥) عن جعفر بن محمد عليهماالسلام أنه قال : « لا يدخل أهل الذمة الحرم ولا دار الهجرة ، ويخرجون منها » وحينئذ فإن قدم ميرة لأهل الحرم منع من الدخول إليه ، فإن أراد أهل الحرم الشراء منه خرجوا إليه إلى الحل ، ولو جاء رسولا بعث إليه الإمام عليهالسلام من يسمع رسالته ، ولو أراد المشافهة خرج إليه الإمام عليهالسلام من الحرم ، ولو دخله عالما بالحرمة عزر ، وجاهلا أعذر ، فإن عاد عزر ، فإن مرض
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ١٥ من أبواب الجنابة.
(٢) سورة التوبة ـ الآية ٢٨.
(٣) سورة الإسراء ـ الآية ١.
(٤) الوسائل ـ الباب ١٣ من أبواب مقدمات الطواف من كتاب الحج.
(٥) المستدرك ـ الباب ٤٣ من أبواب جهاد العدو الحديث ١.