من حفظ دين جده صلىاللهعليهوآلهوسلم وشريعته وبيان كفرهم لدى المخالف والمؤالف ، على أنه له تكليف خاص قد قدم عليه وبادر إلى إجابته ، ومعصوم من الخطأ لا يعترض على فعله ولا قوله ، فلا يقاس عليه من كان تكليفه ظاهر الأدلة والأخذ بعمومها وإطلاقها مرجحا بينها بالمرجحات الظنية التي لا ريب في كونها هنا على القول بالوجوب ، على أن النهي عن الإلقاء لا يفيد الإباحة ، بل يفيد التحريم المقتصر في الخروج منه على المتيقن ، وهو حيث لا تكون مصلحة في الهدنة ، وحب لقاء الله تعالى وإن كان مستحسنا ولكن حيث يكون مشروعا ، والكلام فيه في الفرض الذي هو حال الضرورة ، والمصلحة التي قد ترجح على القتل ولو شهيدا الذي قد يؤدي إلى ذهاب بيضة الإسلام وكفر الذرية ونحو ذلك ، ولعله لذا ربما فصل بين الضرورة والمصلحة ، فأوجبها في الأول ، وجوزها في الثاني ، ولا بأس به ، فإن دعوى الوجوب على كل حال كدعوى الجواز كذلك في غاية البعد ، فالتحقيق انقسامها إلى الأحكام الخمسة.
وحينئذ ف متى ارتفع ذلك أي مقتضى الجواز ولو على كراهة كما إذا كان في المسلمين قوة على الخصم واستعداد وفي الكافرين ضعف ووهن على وجه يعلم الاستيلاء عليهم بلا ضرر على المسلمين لم تجز المهادنة قطعا ، لعموم الأمر بقتلهم مع الإمكان في الكتاب والسنة على وجه لا يعارضه إطلاق قوله تعالى (١) ( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها ) المحمول على غير الفرض ولو بملاحظة ما كان يوصي به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمراء السرايا من الأمر بالمنابذة
__________________
(١) سورة الأنفال ـ الآية ٦٣.