يجوز إعادته أو التمكين من قهره على ذلك بعد أن كان الواجب الهجرة من دار الحرب التي لا يتمكن من إقامة شعار الإسلام فيها ، ومن هنا لو طلبت امرأة أو صبية مسلمة الخروج من عند الكفار جاز لكل مسلم إخراجها مع المكنة ، بل وجب عليه ذلك ، وفي المرسل « أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما خرج من مكة وقفت ابنة حمزة على الطريق فلما مر بها علي عليهالسلام قالت يا بن عمي إلى من تدعني فتناولها فدفعها إلى فاطمة عليهاالسلام حتى قدم بها المدينة» ولعل المستضعف كذلك أيضا.
وعلى كل حال ف لو أرادوا اشتراط ذلك في عقد الهدنة جاز قبوله لكن بالنسبة إلى من أمن عليه الفتنة بكثرة العشيرة وما ماثل ذلك من أسباب القوة التي تمنعه لو أراد إظهار ما عليه من الإسلام ، ولا يخشى عليه الذل ولا القتل ولا الأذية ، وحينئذ فإذا اشترطوا رد مثل ذلك جاز إعادته على معنى التخلية بينهم وبينه وإلا يكون كذلك بل كان مستضعفا يخشى عليه الفتنة والهوان والأذية ونحوها لم يصح اشتراط رده في عقد الهدنة ومنعوا منه إن أرادوا رده بلا خلاف أجده في شيء من ذلك بين من تعرض للحكم وإن كنت لم أجد في شيء من نصوصنا ما يدل عليه ، نعم في المنتهى أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رد أبا جندل وأبا بصير في صلح الحديبية (١) بمعنى أنه لم يمنعهم من أخذه إذا جاءوا في طلبه ، ولا يجبره الإمام عليهالسلام على المضي معهم ، وله أن يأمره في السر بالهرب منهم ويقاتلهم ، فإن أبا بصير لما جاء إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وجاء
__________________
(١) سيرة ابن هشام ـ القسم الثاني ص ٣١٨ و ٣٢٣ المطبوعة عام ١٣٧٥ وكامل ابن الأثير ـ ج ٢ ص ٢٠٤ و ٢٠٥ المطبوعة عام ١٣٨٥.