يمكن كفهم وتفريق جمعهم إلا بالاتفاق وتجهيز الجيوش والقتال ، فأما إن كانوا نفرا يسيرا كالواحد والاثنين والعشرة وكيدهم ضعيف لم يجر عليهم حكم أهل البغي ، وهو المحكي عن الشافعي ، مستدلين عليه بأن ابن ملجم (١) لما جرح عليا عليهالسلام وقبض عليه أوصى أمير المؤمنين عليهالسلام بالإحسان إليه ، وقال : « إن برئت فأنا أولى بأمري وإن مت فلا تمثلوا به» ولكن عن بعض الجمهور جريان حكم البغاة حتى على الواحد إذا خرج بالسيف ، بل في المنتهى وعن التذكرة أنه قوي بل قيل إنه مقتضى إطلاق المتن والقواعد والإرشاد وغيرها ، وإن كان قد يناقش بانسياق غير ذلك من الإطلاق المزبور ، خصوصا بعد ذكرهم الفئة ونحوها مما يظهر منه الاجتماع المعتد به ، ولا أقل من الشك ، فيبقى الأصل حينئذ بحاله ، نعم يجري عليهم حكم المحارب لو فرض إشهاره للسلاح أو غيره مما يندرج فيه.
وحكي عن الشيخ أيضا وابني حمزة وإدريس اشتراط الخروج عن قبضة الإمام منفردين عنه في بلد أو بادية في جريان حكم البغاة أما لو كانوا معه وفي قبضته فليسوا أهل بغي ، ولعله للمرسل (٢) « أن عليا عليهالسلام كان يخطب فقال رجل بباب المسجد لا حكم إلا لله تعريضا بعلي عليهالسلام أنه حكم في دين الله الرجال ، فقال علي عليهالسلام : كلمة حق أريد بها باطل ، لكم علينا ثلاث ، لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا اسم الله فيها ، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا ولا نبدؤكم بقتال » إذ المراد من قوله عليهالسلام « ما دامت أيديكم معنا » عدم الانفراد ، ولكنه مرسل غير جامع لشرائط الحجية ، نعم
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ٦٢ من أبواب القصاص في النفس الحديث ٤.
(٢) المستدرك ـ الباب ٢٤ من أبواب جهاد العدو الحديث ٩.