ويزجرهم ويحذرهم عن الإخلال به من العقاب ، فإن لم يتمكن من هذين النوعين بأن يخاف ضررا عليه أو على غيره اقتصر على اعتقاد وجوب الأمر بالمعروف بالقلب ، وليس عليه أكثر من ذلك ، وقد يكون الأمر بالمعروف باليد بأن يحمل الناس على ذلك بالتأديب والردع وقتل النفوس وضرب من الجراحات ، إلا أن هذا الضرب لا يجب فعله إلا بإذن سلطان الوقت المنصوب للرئاسة العامة ، فإن فقد الإذن من جهته اقتصر على الأنواع التي ذكرناها ، وإنكار المنكر يكون بالأنواع الثلاثة التي ذكرناها ، فأما اليد فهو أن يؤدب فاعله بضرب من التأديب ، إما الجراح أو الألم أو الضرب ، غير أن ذلك مشروط بالإذن من جهة السلطان حسبما قدمناه » وفيه نظر من وجوه ، وأغرب من ذلك ما في مجمع البرهان « أنه لو لم يكن جوازهما بالضرب إجماعيا لكان القول بجواز مطلق الضرب بمجرد أدلتهما مشكلا ».
إذ لا يخفى على من أحاط بما ذكرناه من النصوص وغيرها أن المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحمل على ذلك بإيجاد المعروف والتجنب من المنكر لا مجرد القول ، وإن كان يقتضيه ظاهر لفظ الأمر والنهي ، بل وبعض النصوص الواردة في تفسير قوله تعالى (١) ( قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ ) المشتملة على الاكتفاء بالقول للأهل افعلوا كذا واتركوا كذا » قال الصادق عليهالسلام في خبر عبد الأعلى مولى آل سام (٢) : « لما نزلت هذه الآية ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً ) جلس رجل من المسلمين يبكي وقال : أنا عجزت عن نفسي وكلفت أهلي ، فقال رسول الله صلى الله
__________________
(١) سورة التحريم ـ الآية ٦.
(٢) الوسائل ـ الباب ٩ من أبواب الأمر والنهي الحديث ١.