منصرفة عن القطع الموضوعي ، فمثل قوله « لا تنقض اليقين » المعنى المستظهر منه هو ترتّب آثار الواقع المتيقّن أي الوضوء مثلاً في مورد هذا الخبر ، لا ترتيب آثار القطع.
ثانياً : ظاهر كلامه هذا أنّ الاصول لا توجب تنجّز التكليف لأنّها ليست إلاّوظائف مقرّرة للجاهل في مقام العمل مع أنّه لا منافاة بينهما بل إنّها تنجّز التكليف الواقعي في صورة الإصابة وإن لم يكن لسانها لسان التنزيل منزلة الواقع.
فظهر ممّا ذكرنا : أنّ الاصول لا تقوم مقام القطع الموضوعي مطلقاً حتّى إذا فسّر القطع الموضوعي المأخوذ على نحو الكاشفيّة بأخذ جامع الكاشف لأنّه ليس لأصل عملي كاشفيّة وإن كان لسانه لسان التنزيل ، وعليه فلا وجه لما ذهب إليه في تهذيب الاصول من جواز قيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي.
بقي هنا شيء :
وهو ما يستفاد من بعض كلمات المحقّق النائيني رحمهالله من إنكاره القطع الموضوعي المأخوذ على نحو الصفتية في لسان الأدلّة الشرعيّة ، وأنّه لم نجد في الأحكام الفقهيّة حكماً أخذ في موضوعه القطع على نحو الصفتية.
فنقول في جوابه : إن كان المراد من القطع المأخوذ على نحو الصفتية تلك الدرجة العالية من العلم أي حالة المائة في المائة فيمكن أن يحمل عليها ما ورد في باب الشهادات عن علي بن غياث عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : لا تشهدنّ بشهادة حتّى تعرفها كما تعرف كفّك » (١). وما ورد أيضاً عن رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد سئل عن الشهادة قال : هل ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد أو دع » (٢).
وإن كان المراد منه القطع بما أنّه صفة كماليّة للنفس فيمكن أيضاً أن يحمل عليه ما ورد في بعض الرّوايات من استحباب إكرام العالم أو استحباب النظر إلى وجه العالم حيث إن العلم في هذين الحكمين لم يؤخذ بما أنّه كاشف لغيره بل بما أنّه نور في نفسه وصفة كماليّة للنفس كما لا يخفى.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١ ، الباب ٢٠ ، من أبواب الشهادات.
(٢) المصدر السابق : ح ٣.