فأجاب عنه : بأنّ ذلك يوجب تقييد الإطلاق ، ولو صحّ ذلك لصحّ القول باعتبار الظنّ في السند أيضا. ثمّ أخذ في إبداء الفارق بين المجمل وبين العامّ بما حاصله : استقباح العقل التعبّد بالمجمل ، بخلاف العامّ ، وحكم بخروج الأوّل عن الآية بالإجماع ، بخلاف الثاني ، إذ لا إجماع (١).
أقول : بعد ما عرفت من اختلاف الجهات المذكورة يظهر وجوه الفساد فيما أفاده ، إذ الشكّ في المقام ليس من جهة السند حتّى يؤخذ بالإطلاق وإن صحّ ذلك فيما لو قيل باعتبار الظنّ في السند على تقدير دلالة الآية على حجّيّة السند تعبّدا ، وإلاّ لم يكن ذلك أيضا تقييدا ، كما لا يخفى. والمجمل ليس بخارج من الإطلاق قطعا وإن لم يمكن الانتفاع به من جهة عدم إحراز جميع شرائط الانتفاع بالدليل اللفظيّ ، كما هو ظاهر.
الرابع ما أشار إليه المستدلّ المتقدّم (٢) واعتمد عليه في الوافية (٣) وقرّره بوجه أتمّ وأتقن بعض الأفاضل (٤) ، فقال : الضرورة الدينيّة واقعة على اشتراكنا مع الموجودين المشافهين في التكليف ، ولازمه لزوم تحصيل تكليفاتهم ، ولا يمكن ذلك إلاّ بالرجوع إلى ما خوطبوا به ، وتحصيل تكليفهم منها لا يمكن إلاّ بتحصيل طرق فهمهم ، وهو الغرض من تأسيس الاصول اللفظيّة ، ولازم ذلك استخراج
__________________
(١) انظر حاشية الشيرواني المطبوعة في هامش المعالم : ١٢٥ ، ونقل عنه السيّد المجاهد في المفاتيح : ١٩٠.
(٢) وهو المحقّق الشيرواني ، انظر حاشيته المطبوعة في المعالم ، الصفحة : ١٢٤ ـ ١٢٥ ، ونقل عنه في المفاتيح : ١٨٩.
(٣) الوافية : ١٣٠.
(٤) وهو المحقّق النراقي في المناهج : ١١٠.