قلنا : لا نسلّم انحصار الكبيرة فيما ذكر ، فإنّها أعمّ عندنا من ذلك وممّا حكم العقل بحرمته على الوجه المعهود.
الثاني (١) : أنّ ما أفاده في دفع ما أورد على نفسه ـ من عدم مجال للإنكار بعد ما قطع العقل بالحكم بالنظر والتأمّل في جواز التعبّد بأمثال هذه الإدراكات العقليّة القطعيّة أو الظنّيّة ـ ممّا لا يبتني على أساس ولا له بما أورده مساس ، حيث قد فرغنا عن حجّيّة العلم المرآتي في محلّه على وجه ظهر عدم معقوليّة التخصيص بطريق دون آخر ، فليراجع ثمّة.
الثالث : أنّ ما أفاده من أنّ (٢) الجهات المدركة في المستقلاّت العقليّة ليست علّة تامّة فممّا لا يصغى إليه بعد موافقة الوجدان ، فإنّ الجهة المدركة (٣) في الإحسان والظلم الآمرة في الأوّل والناهية في الثاني بحسب وجداننا في حال العلم هي العلّة التامّة ، وأمّا جواز تبدّل العلم جهلا فهو أمر خارج عمّا نحن فيه ، إذ ليس الاحتمال ـ هذا ـ للعالم ، والمحتمل لغيرها لا علم له ، فيخرج عمّا نحن بصدده. ويشعر بذلك ما أفاده الشيخ في العدّة في مباحث النسخ : من أنّ حكم الشارع إنّما هو كاشف عن الصفات ، لا أنّه به يحصل الوجوب (٤) ؛ ومن هنا تمسّك الأشعري بعدم كونه حينئذ في جعل الأحكام مختارا ، بل لا بدّ وأن يكون موجبا.
وبذلك يشعر ما أجاب عنهم أصحابنا : بأنّ انتفاء القبيح لصارف لا ينافي
__________________
(١) من وجوه النظر فيما أفاده السيّد ، راجع الصفحة : ٣٣٨.
(٢) لم يرد « أنّ » في ( ش ).
(٣) لم ترد عبارة « في المستقلاّت ـ إلى ـ المدركة » في ( ش ).
(٤) لم نعثر عليه بعينه ، انظر العدّة : ٤٠٩ ـ ٥٠٥ ، الفصل ٢ من فصول النسخ.