وفيه : أنّ سخافته بحيث لا يخفى على أحد ، إذ غاية ما يمكن للقول (١) عدم العلم بالفائدة ، ولا يلزم منه عدم الفائدة ، وإلاّ فالفائدة فيها معلومة لمن تدبّر وتبصّر.
وثالثها : ما احتجّ به بعض الأجلّة (٢) ، وهو : أنّ ضرورة العقل قاضية بالإباحة في الظاهر عند عدم ما يدلّ على الخلاف ، من غير فرق بين المشتمل على المنفعة وغيره ، لظهور أنّ التكليف بأقسامه الأربعة مشروط بالعلم والبيان عقلا وعادة ، وإذ ليس فليس ، ولا نعني بالإباحة إلاّ ذلك.
وفيه ـ بعد الغضّ عمّا أشرنا إليه سابقا في تحرير محلّ النزاع من انحصار عناوين القوم فيما يشتمل على المنفعة ، ومن أنّ الحكم بالإباحة حكم واقعيّ ـ أنّه إن أراد قضاء ضرورة العقل بالإباحة بمعنى عدم الحرج والمؤاخذة فمسلّم ، إلاّ أنّه لا يجديه ، لوقوعه في غير محلّ النزاع ، كما صرّح به العضدي (٣) حيث حكم بعدم النزاع في الإباحة بهذا المعنى حتى عند الأشعري. وإن أراد الإباحة بمعنى الإذن والترخيص كما قد يقال باستظهاره من نفي الأحكام الأربعة وإثباته. ففيه : أنّه لا نسلّم قضاء الضرورة (٤) بالإباحة بهذا المعنى.
وما تخيّله : من اشتراط التكليف بأقسامه الأربعة بالعلم فهو كذلك ، إلاّ أنّ الإباحة بهذا المعنى ـ أيضا ـ من الأحكام التكليفيّة ويحتاج إلى العلم عقلا وعادة. ولو سلّم فانتفاء الأربعة لا يلازم إثبات الإباحة ، لوجود الواسطة وهو
__________________
(١) في ( ط ) : « ما يمكن القول به ».
(٢) الفصول : ٣٤٧.
(٣) شرح مختصر الاصول : ٧٨.
(٤) في ( ط ) : « لقضاء ضرورة العقل ».