والكلام في المقام إنّما هو في جواز التقليد بعد الموت في هذه الفتاوى التي لا يقول الأخباري بها حال الحياة أيضا ممّا هي موقوفة على إعمال الاعتقادات في تشخيص مداليل الأدلّة.
ولا كلام لنا في الأخبار المنقولة بالمعنى على وجه لا يختلف الأصل والمنقول إلاّ في العبارة كما في الترجمة بالفارسيّة من مراعاة العموم والخصوص والإطلاق والتقييد ، فإنّه لا يجوز نقل المطلق بالمقيّد وإن ظنّ الناقل أنّ المراد منه المقيّد ، فإنّ ذلك الظنّ منه اجتهاد لا يكون حجّة إلاّ له. ومن هنا يظهر أنّ خلاف الأخباريّين كما نقلناه ليس واردا في هذا المقام ، على ما عرفت من كلام التوني أيضا.
قال السيّد الجزائري (١) في مقام الاستدلال على ما ذهب إليه من عدم الاشتراط : إنّ كتب الفقه شرح لكتب الحديث ومن فوائدها تقريب معاني الأخبار إلى أفهام الناس ؛ لأنّ فيها العامّ والخاصّ والمجمل والمبيّن ... إلى غير ذلك. وليس كلّ أحد يقدر على بيان هذه الامور من مفادها ، فالمجتهدون بذلوا جهدهم في بيان ما يحتاج إلى البيان وترتيبه على أحسن النظام والاختلاف بينهم مستند إلى اختلاف الأخبار أو فهم معانيها من الألفاظ المحتملة ، حتى لو نقلت تلك الأخبار لكانت موجبة للاختلاف ، كما ترى الاختلاف الوارد بين المحدّثين ، مع أنّ عملهم مقصور على الأخبار المنقولة ، وبالجملة فلا فرق بين التصنيف في الفقه والتأليف في الحديث ، انتهى.
__________________
(١) قاله في بعض رسائله ، ولا توجد لدينا كما قاله القمي أيضا في شرح الوافية ( مخطوط ) : ٤٧١ ـ ٤٧٢.