والمبارأة : وهي إزالة قيد النكاح بعوض مع كراهة الزوجين.
واللعان : وهو ازالة قيد النكاح بسبب الشهادات المخصوصة.
أقول : فكل ذلك مشترك في إزالة قيد النكاح ، ولا يقول أحد في غير الطلاق ان النكاح باق بعد ازالة قيده ولا الزوجية فما بال قوم يقولون في الطلاق الذي هو أيضا إزالة قيد النكاح انه باق بعده ، وكذا الزوجية.
وتفصيله : ان ازالة قيد النكاح لما كانت مشتركة بين الكل ، فمقتضاها ـ وهو زوال النكاح والزوجية ـ كان أيضا مشتركا بين الكل.
وذلك لان المقتضي تابع للمقتضى اشتراكا واختصاصا ، فإذا لا بد من القول بزوال النكاح والزوجية في الطلاق أيضا ، إذ لا يفهم من زوال قيد النكاح إلا زوال النكاح ، لأن إضافته إليه إضافة اللجين الى الماء.
وعلى احتمال كون الإضافة بيانية ، كان المعنى بحاله ، فزواله زواله.
فالقول ببقائه بعد الطلاق قول ببقاء الشيء بعد زواله ورفعه ، وهو قول سوفسطائي ، لأن رفع كل شيء نقيضه ، فبعد عروضه لمعروضه لا يبقى منه عين ولا أثر ، كالسواد العارض لمعروض البياض.
ومعلوم أن بعد زوال النكاح لا تبقى الزوجية ولا حكمها ، لأنها تابعة له ، فزواله زوالها ، كما أن بقاءه بقاؤها.
وبالجملة بقاء الزوجية بعد الطلاق ملزوم لبقاء النكاح الأول ، وقد جعل الطلاق مزيلا له ، فيلزم منه أن يكون مزيلا له وغير مزيل.
وبعضهم بعد أن صرح بأنه قد أزال قيد النكاح ، صرح بأنه باق بعده ، فلما أشعر بما قلناه ورام دفعه أخذ يقول تارة ان الطلاق ازالة قيد النكاح بالفعل وصيره بالقوة. واخرى أنه لم يزله رأسا ، وأخرى أن أثر النكاح الأول لم يزل بالكلية بل يتوقف على انقضاء العدة.