ومن هنا يمكنك التوفيق بينهما ، بحمل ما دل على كراهة الصلاة في العيدين الى الزوال على النوافل المبتدأة وما لا سبب له. وأما ماله سبب ، كصلاة الحاجات والزيارات ونوافل اليومية ، وصلاة أول الشهر في عيد الفطر ونحوها فلا كراهة.
وذلك أنه وردت روايات صحيحة دلت على كراهة الصلاة في أوقات خمسة عند طلوع الشمس وغروبها وقيامها ، وبعد صلاة الصبح والعصر ، والاصحاب حملوها على ما لا سبب له من النوافل ، واستدلوا عليه بأن شرعية ذي السبب عامة واذا تعارضت العمومات وجب الجمع ، فيحمل على غير ذوات الاسباب ، وهذا بعينه يجري فيما نحن فيه.
قال الفاضل الاردبيلي في شرحه على الارشاد ، بعد نقل قول الشارح : ولو أقيمت الصلاة ، أي : صلاة العيد في مسجد لعذر ، استحبت صلاة التحية فيه أيضا ، لانه موضع ذلك.
الظاهر أنه لا يحتاج الى العذر ، مع أن في المدعى والدليل تأملا ، لعموم أدلة الكراهة ، الا أنه لما كان في الادلة ضعف ـ كما أشرنا اليه ـ وثبت استحباب التحية بخصوصها ، فتحمل تلك على الكراهة لا بسبب ، بل مجرد العيد ، فيستثنى النوافل التي لها سبب ، كما قيل في الكراهة والافعال الخمسة (١) ، انتهى كلامه رفع مقامه.
وحاصل اعتراضه عليه أن الاصحار بصلاة العيد أمر مستحب ، وترك المستحبات لا لعذر جائز ، فيجوز له أن يصلي في المسجد وهو متمكن من الخروج الى الصحراء.
ويؤيده تعميم الشارح في شرحه على اللمعة ، حيث قال : لو صليت في المساجد لعذر أو غيره ، استحب صلاة التحية للداخل ، وان كان مسبوقا والامام
__________________
(١) مجمع الفائدة ٢ / ٤١١.