الصورة المفروضة ، حذرا عن اجتماع وضوء الواجب مع غسل الجنابة.
اذ لا بد لرفع الحدث الواقع من رافع : اما الاعادة ، أو الوضوء ، والثاني لما كان فيه المحذور المذكور لا جرم حكم بالاعادة ، ونقل في ذلك حديثا مطابقا مضمونه مقتضى الدليل ، ولذا اكتفى بنقله عن تقرير الدليل ، واستغنى به عن القال والقيل.
هذا وقد قرر بعضهم الدليل على صحة مذهب ابن ادريس وشيعته بتقرير آخر ، وهو أن الحدث الاصغر لا يوجب الغسل اجماعا ، بل الاصغر يدخل تحت الاكبر ، ولا دليل على وجوب الوضوء مع تحقق الغسل ، فلا تجب عليه اعادته ولا الوضوء معه ، بل عليه الاتمام خاصة.
وفيه أيضا نظر. أما أولا ، فلما سبق أن ايجاب الاعادة ليس لايجاب الحدث الاصغر الغسل ، ليلزم من عدمه عدمه ، بل لابطاله حكم الاستباحة.
وأما ثانيا ، فلان دخول الاصغر تحت الاكبر وارتفاعه بارتفاعه مسلم اذا وقع قبل الاخذ في الغسل. وأما اذا وقع في أثنائه ، فدخوله تحته وارتفاعه بارتفاعه ممنوع ، بل هو عين موضع النزاع.
ولذا حكم فريق بارتفاع الاكبر باتمام الغسل دون الاصغر ، حيث أوجبوا لارتفاعه الوضوء ، ودليلهم على وجوبه مع تحقق الغسل أن الآية والاخبار الكثيرة دلت على أن الحدث الاصغر موجب للوضوء ، خرج منه ما كان قبل غسل الجنابة بالدليل ، فبقى الباقي على حال ايجابه.
واحتمال عدم تأثيره في الاثناء مع تأثيره بعد تمام الغسل بعيد ، والاحتمالات البعيدة لا تدفع الظواهر ، والقول بتأثيره وارتفاعه باتمام الغسل أبعد. وكيف يكون اتمامه سببا لرفعه؟ وبعض السبب لا يكون سببا. هذا كلامهم.
ولا كلام لنا معهم الا في ايجابه الوضوء دون الاعادة ، فان فيه ما عرفته.