ولعل القول بالتأثير أمتن ، لان لكل جزء من أجزاء الغسل تأثيرا ناقصا في رفع الحدث وحصول الاستباحة وتحققها ، كما أن للغسل بتمام أجزائه تأثيرا تاما فيه ، فاذا تعقبه الحدث الاصغر أبطل تأثيره في حصول الاستباحة ، ويبطل ببطلانه تأثير كمال الغسل في حصولها ، ضرورة انتفاء تأثير الكل بانتفاء جزئه.
وبالجملة لا تأثير له بالنظر الى الغسل وكل جزء منه ، فانه لا يبطلهما ولكن له تأثير بالنظر الى كفايته عن الاعادة والوضوء ، وأما أنه اذا تعقب أبعاضه أبطل حكم الاستباحة بطريق أولى ، فلان رفع التأثير عن جزء الشيء وابطال حكمه أسهل من رفع التأثير عن الكل وابطال حكمه ، فان كان الشيء مؤثرا في الكل رافعا تأثيره وهو على كمال قوته وتأثيره التام ، فكونه مؤثرا في الجزء رافعا تأثيره وهو في غاية ضعفه أولى ، ولعله أمر ضروري.
وانما يقول المنازع فيه بخلافه زعما منه أن بين الصورتين فرق ، وهو أن بعد تمام الغسل قد ارتفع الحدث وأبيحت العبادة ، فأمكن طرء حكم الحدث ، وهو بطلان الاستباحة بخلاف ما قبله ، لان الحدث لا يرتفع الا بتمام الغسل.
وهو مجاب بأن هذا ليس فرقا يعتد به ، وذلك لان الحدث الواقع في الاثناء بعد تمام جزء من الغسل ، يبطل تأثيره في حصول الاستباحة ، وبعد بطلان التأثير لا يتحقق الاثر.
فحاصل الفرق أن في الصورة الاولى كانت الاستباحة متحققة ، ثم رفعت بالحدث المتعقب ، وفي الثانية لم تكن متحققة ، ولكن منع من تحققها مانع ، وهو الحدث المتعقب ، وهذا لا يضر بأصل المقصود.
فظهر أن الاولوية المذكورة غير قابلة للمنع ، ومنه علم أن الحدث الواقع في الاثناء له تأثير بين في رفع حكم الاستباحة ، فلا بد من تجديد طهارة لها ، وهو الان كما كان جنب ، وطهارة الجنب لتحصيل الاستباحة انما هي بالغسل دون