حيث قال المستدل : على الاول في مقام التفريع ، فيسقط وجوب الاعادة ، قال المستدل على الثاني في مثل هذا المقام ، فلا معنى للاعادة ، فغسل المعيد اذا اكتفى فيه بنية القربة صحيح بالاتفاق ، غاية الامر أنه لا يسوغ الدخول في العبادات ، وما يشترط فيه الطهارة بدون الوضوء أو التيمم ، على مذهب السيد من شايعه ، كما ستأتي الاشارة اليه ، وهذا كلام آخر.
وبالجملة هذا الغسل وهو المعتاد وان لم يكن رافعا للحدث الواقع في الاثناء على هذا المذهب ، الا أنه صحيح في نفسه ، ولا دليل على بطلانه ، ولا قول به ، بخلاف غسل المتم مع الوضوء أو بدونه ، فانه غير صحيح عند من قال بأن الحدث الواقع في أثناء غسل الجنابة يوجب اعادته ، ولو بقي جزء لا يتجزى من البدن.
وأيضا فان الذمة كانت مشغولة بالغسل يقينا ، فلا بد من تحصيل اليقين ببرائتها ولا يعلم ببرائتها يقينا باتمام مثل هذا الغسل مع الوضوء أو بدونه ، فانه مختلف فيه بين الفقهاء ، بخلاف ما اذا أعاده من رأس ، فانه تحصل بها البراءة اليقينية ، لاتفاق الكل ظاهرا على صحته.
ويمكن أن يقال : قد ثبت بقوله عليهالسلام « لا صلاة الا بطهور » (١) اشتراط صحة الصلاة بالطهور ، وحصوله في محل البحث بدون الاعادة بل بمجرد الاتمام مع الوضوء أو بدونه مشكوك ، والشك في الشرط يوجب الشك في المشروط ، فتجب الاعادة تحصيلا للبراءة اليقينية من التكليف الثابت في الذمة ، فتأمل.
قال بعض المحققين : ان من الطريق المنجية يقينا التي يتحتم ارتكابها لاهل التقليد بمذهب أهل البيت عليهمالسلام الاحتياط بحسب ما يمكن في العبادات والاحكام الشرعية ، وهو طريق الابرار الاخيار الذين يخافون الله.
__________________
(١) عوالى اللالى ٢ / ٢٠٩ و ٣ / ٨.