قدم بالفتح يقدم قدما ، أي : تقدم.
فقوله « قدمته » أي : سبقت المأمور المدلول عليه بأمر في الاسلام « وتأمره بالقطع » أي : بقطعي ، فاللام عوض عن المحذوف ، ولعله ظن أن من قدم غيره في دخول الاسلام لا يجوز له قطعه ، لشرافته بكونه أقدم منه اسلاما.
فقال : لو كانت ابنتي فاطمة قدمته في الاسلام وكانت لصة ، لامرته بقطعها ، لعدم جواز تعطيل حدود الله ، وعدم منع القدم من قطع القادم بعد الاستحقاق بالجريمة ، فخبر « كان » مع جواب « لو » محذوفان.
وأما قولنا « وكانت لصة » فالمقتضي لهذا التقدير عدم استقامة الكلام بدونه ، وقد تقرر في الاصول أن هذا من القرائن على الحذف ، كما في قوله « رفع عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه » (١) والمحذوف قد يكون جملة ، وقد يكون أكثر منها ، كما في ( أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ. يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ ) (٢).
وانما حذفه للاحتراز عن نسبة اللصوصية اليها صريحا ، وكذا عن اضافة ما يتفرع عليه من الامر بقطعها.
فرعى في هذا الكلام جانبي تعظيم الله برعاية حدوده واجرائها ، ولو على أقرب الناس اليه ، وتعظيم ابنته فاطمة عليهاالسلام واحترامها ، حيث لم يضف اللصوصية اليها الا بطريق الفرض والتقدير ، ومع ذلك لم يصرح به وبما يستتبعه من القطع لفظا ، بل أجمل القول فيه وأبهمه.
فسمعت فاطمة عليهاالسلام هذا القول بواسطة أو بدونها ، فحزنت لانها فهمت منه ، أي : من القيد المذكور ـ اشتراكها بغيرها في امكان تحقق اللصوصية ووقوعها في حقها ، أو لدلالته على ضرب من عدم المحبة والمودة.
__________________
(١) عوالي اللئالي ١ / ٢٣٢.
(٢) سورة يوسف : ٤٥ ـ ٤٦.