والاول أوفق بقوله « لَئِنْ أَشْرَكْتَ » أي : بعد ذلك فاطمة عليهاالسلام بغيرها في امكان صدور اللصوصية فيها ولو بالفرض « لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ » وهذا على سبيل الفرض والتقدير ، لامتناع صدور الاشتراك منه بعد ما نهى عنه ، والمحالات قد تفرض لغرض ، وهو هنا استرضاء فاطمة عليهاالسلام وتسليتها.
فحزن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لدلالة هذا الكلام على جواز شركه وحبط عمله ، مع عدم علمه بسبب نزوله ، وانما أجمل الامر وأبهمه حتى صار سببا لحزنه ليكون ذلك مصداقا لقوله تعالى كما تدين تدان (١).
ومن العجب أنه تعالى لم يكتف بهذا القدر ، بل بالغ فيه ، فأكد اجلال قدر فاطمة عليهاالسلام وتأديب نبيه صلىاللهعليهوآله بانزال قوله « لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا » مريدا به لازم معناه ، حيث جعل اشراكها بغيرها في امكان اللصوصية بمنزلة اشراك غيره تعالى به في الالوهية.
فتعجب النبي صلىاللهعليهوآله من ذلك ، لان هذا الكلام انما يناسب أن يخاطب به المشرك ، وهو صلىاللهعليهوآله كان موحدا مع عدم علمه بالسبب ، وانها سمعت قوله فحزنت وتلك الايات نزلت لتسليتها وتطيب نفسها.
فأخبره جبرئيل بذلك ، فقال : انها كانت حزنت من قولك ، فنزلت هذه الايات لموافقتها لترضى.
والغرض المسوق له الكلام اظهار عصمتها وجلالة قدرها عليهاالسلام عند الله جل قدره ، ولذلك ذكره محمد بن شهرآشوب السروي من سواد المازندران في كتاب المناقب.
هذا ما استفاده الذهن الكليل والفكر العليل من سياق هذا الكلام باستعانة قرائن المقام ، والعلم عند الله وعند أهله عليهمالسلام.
__________________
(١) كلام قدسى.