لم يستحق بتركه العقاب (١).
أقول : ظاهر كلام الشيخ يفيد أنه حمل السلب على رفع الايجاب الكلي لا على السلب الكلي ، لئلا ينافي ما سبق من وجوب الزكاة على غلات الطفل ، وليس هذا بأبعد من حمل الوجوب المرادف للفرض ، بل آكد منه في الرواية الاولى على الاستحباب.
وحمل السلب الظاهر في نفي الوجوب والاستحباب معا على نفي الوجوب فقط بل هذا أبعد ، لانه تأويل في الروايتين معا ، بخلاف ما اختاره الشيخ ، بل ليس فيه بعد ولا تأويل ، بل هو من مقتضى ظاهر ما يستفاد من لفظ الخبر.
ثم المشهور أن الواجب يرادف الفرض ، وهما سيان ، بل يستفاد من كلام المحقق الثاني الشيخ علي في بعض حواشيه أن الواجب آكد من الفرض.
حيث قال : الواجب ما لا يسقط عن المكلف أصلا ، كمعرفة الله تعالى ، والفرض ما يسقط مع العذر ، كالصلاة وباقي العبادات.
ومنهم من فرق بينهما ، بأن الواجب ما يتعلق غرض الشارع بايقاعه لا من حيث شخص بعينه ، وتجوز فيه النيابة اختيارا ، كالزكاة ونحوها. والفرض ما يتعلق غرض الشارع بايقاعه عن شخص بعينه ولا تجوز فيه النيابة ، كالصلاة والصوم ونحوهما. ومنه يعلم وجه ايثار الواجب هنا على الفرض ، فتأمل.
نعم قد أطلق مجازا في بعض الاخبار على المؤكد استحبابه مع وجود صارف من حمله على معناه الحقيقي من العقل أو النقل ، فحيث لا صارف عنه كما هنا على ما سيظهر عن قريب ، وجب حمله على حقيقته.
وأما ضعف سند الرواية لو سلم ذلك ، فليس مما يضر بدليله ، بل هو يؤيده ويشيده ، فانه يبقى حينئذ سالما عن المعارض ، فيكون الواجب أعرف في افادة
__________________
(١) مدارك الاحكام ٥ / ٢١ ـ ٢٢.