ويتوجه عليه أن الاطلاق أعم من الحقيقة ، والمجاز خير من الاشتراك (١).
أقول : الاصل في الاطلاق هو الحقيقة ، وانما يصار الى المجاز لصارف أو مانع ، وهما منتفيان هنا ، وقد ورد في أخبار كثيرة من الطرفين أن الفقاع هو الخمر. وحمل جميعها على المجاز يرفع الاعتماد عن الحقيقة ، ولذلك حمل الفقاع علماء الفريقين على الخمر.
قال أبو هاشم الواسطي : الفقاع نبيذ الشعير ، فاذا نش فهو خمر.
وقال ابن الاثير في النهاية : وفيه « اياكم والغبيراء فانها خمر العالم » ثم فسر الغبيراء بضرب من الشراب يتخذه الحبش من الذرة ، قال : وتسمى السكركة قال : وقال ثعلب : هي خمر يعمل من الغبيراء هذا التمر المعروف ، أي : هي مثل الخمر التي يتعارفها جميع الناس لا فصل بينهما في التحريم (٢).
ويرد على تفسيره ما رواه أحمد بن حنبل باسناده عن صمرة ، قال : الغبيراء التي نهى النبي صلىاللهعليهوآله عنها الفقاع.
وقال العلامة في بعض فوائده : الاصل في تحريم الفقاع ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه نهى عن تناول الغبيراء ، وهي الشراب المعمول من الشعير حتى أن العامة رووا عنه عليهالسلام الامر بضرب عنق من داوم عليها ، ولم يترك شربها بعد نهيه عليهالسلام.
وهذا منه رحمهالله اشارة الى ما رووه عن ام حبيبة زوجة النبي صلىاللهعليهوآله ان ناسا من أهل اليمن قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوآله ليعلمهم الصلاة والسنن والفرائض ، فقالوا : يا رسول الله ان لنا شرابا نعمله من القمح والشعير ، فقال عليهالسلام : الغبيراء فقالوا : نعم ، قال : لا تطعموها.
__________________
(١) مدارك الاحكام ١ / ٦٤.
(٢) نهاية ابن الاثير ٣ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩.