والقراءة في الاخيرتين ، كما يشعر به قوله « فلا تجعل أول صلاتك آخرها » لان ذلك معناه ، كأنه يقول : ان تقرأ فاقرأ في الاولتين ، لا أن تتركها فيهما ، وتقرأ في الاخيرتين وتقلب صوتك.
وبالجملة الاستحباب في موضع النص غير بعيد ، كما اختاره العلامة في المنتهى ، وتدل عليه رواية أحمد بن النضر عن رجل عن أبي جعفر عليهالسلام قال قال لي : أي شيء يقول هؤلاء في الرجل اذا فاتته مع الامام ركعتان؟ قال يقولون : يقرأ في الركعتين بالحمد والسورة ، فقال : هذا يقلب صوته فيجعل أولها آخرها فقلت : كيف يصنع؟ قال : يقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة (١).
قال رحمهالله : يمكن أن يريد بكل ركعة انفرد عن الامام ، فيكون قراءتهما مستحبة كما مر (٢).
فان قلت : فما تقول في قول بعض فقهائنا بوجوب قراءة المأموم خلف الامام اذا أدركه في الاخيرتين ، واستدلاله عليه بقوله لئلا تخلو الصلاة عن قراءة ، اذ هو مخير في التسبيح في الاخيرتين.
قلت : فيه نظر من وجوه :
أما أولا ، فلان خلو صلاة المأموم عن قراءته مما لا محذور فيه ولا مانع منه ، بل هو كذلك بالنسبة الى من أدرك أول الصلاة فضلا عن غيره.
وأما قوله عليهالسلام « لا صلاة الا بفاتحة الكتاب » فانما هو في صلاة الانفراد وبالنظر الى القادر عليها لا في الجماعة ، مع أن قراءة الامام لما كانت قائمة مقام قراءة المأموم صدق أن صلاته أيضا مقرونة بقراءة الفاتحة ، فالحديث على عمومه ، فتأمل.
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٣ / ٤٦ ، ح ٧٢.
(٢) مجمع الفائدة ٣ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨.