في التهذيب أن الوارد من الاخبار الدالة على اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال منحصر في روايتي حماد بن عثمان وعبد الله بن بكير ، وهما لكونهما غير معلومين ـ أي غير صحيحتين ـ لا تنهضان حجة في معارضة الاخبار المتواترة.
وقريب منه كلام الفاضل التستري في الدلالة على انحصار الدليل في الخبرين المذكورين كما سيأتي ، ولهما شركاء في ذلك من المتأخرين.
والمنقول عن المرتضى وهو لا يقول بحجية خبر الواحد ، معللا بأنه لا يفيد علما ولا عملا ، أنه قال في بعض مسائله : اذا رؤي الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية. وهذا يفيد أن الاخبار الواردة بهذا المضمون متواترة عنده ، وهما متناقضان.
والشهيد في الدروس (١) جعل دليله على مذهبه هذا رواية حماد ، وقال : وهي حسنة لكنها معارضة.
وهذا منه غريب ، اذ المشهور أنه لا يعمل بخبر الواحد وان كان صحيحا ، فكيف يعمل في مثل هذه المسألة بحسنة حماد؟ مع معارضتها بالاصل والاستصحاب وروايات متواترة على ظن الشيخ.
فان قلت : لعل مضمون هذه الحسنة كان متواترا عند السيد في زمانه ، أو محفوفا بقرائن تفيد علما به أو ظنا متاخما له ، وعليه نزل ما ادعاه هو ومن تبعه من تواتر الاخبار الدالة على النص وغيره ، اذ لا شبهة في أن كلا منها آحاد ، الا أن القدر المشترك بينها كان متواترا عندهم في زمانهم ، وهذا عذر واضح في العمل بها.
قلت : هذا غاية ما يمكن أن يقال من جانبهم ، وان كان لا يجدينا نفعا ، لعدم تحقق مثل هذا العذر لنا ، ولما تبين من كثرة وقوع الخطأ في الاجتهاد ، وان مبنى
__________________
(١) الدروس ص ٧٦.