وأورد عليه الفاضل التستري في حاشيته على هذا الموضع بقوله ربما يقال ليس في ظاهر القرآن والاخبار دلالة على عدم اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال ، وجعله علامة لليلة الماضية ، كما نبه عليه من عاصره قدسسره الشريف.
أقول : ظاهر مكاتبة محمد بن عيسى مطلقا ، وخاصة على نسخة الاستبصار ، وأخبار الرؤية وغيرهما يدل على عدم الاعتبار ، ولا يخفى على ذوي الابصار ، ولذلك حكم الاصحاب بأن حسنة حماد تدل على مذهب السيد ولكنها معارضة ، فتأمل فانه دقيق حتى خفي على مثل الفاضل المذكور ومن عاصره.
ثم قال : وان كان في العمل بمضمون هذين الخبرين والافطار في اليوم الذي دخل في صيامه بنية الوجوب لا يخلو من تأمل وجرأة ، لمكان الاستصحاب المؤيد بقوله تعالى « أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ » (١) وعدم ثبوت حجية الخبر الواحد ، كما نبه عليه أيضا المعاصر المتقدم ذكره الشريف.
أقول : في كلامه قدسسره ايماء لطيف الى عدم دلالة غير هذين الخبرين على اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال ، كما ظنه صاحب الذخيرة ، وجعله جبرا وقهرا دليلا عليه ، أو اشارة خفية اليه.
ولا يخفى أن الاستدلال بمثل هذا على مثل ذلك خارج عن قانون الاستدلال لان مداره من السلف الى الخلف على الظاهر المتبادر ، لا على الاحتمالات البعيدة الغير المنساقة الى الاذهان.
هذا واعلم أن العاملين بخبر الواحد الصحيح اختلفوا في العمل بالحسن والموثق (٢) فمنهم من عمل بهما ، ومنهم من ردهما وهم الاكثرون ، حيث
__________________
(١) سورة البقرة : ١٨٧.
(٢) في الدراية الشهيدية : اختلفوا في العمل بالحسن ، فمنهم من عمل به مطلقا كالصحيح ، ومنهم من رده مطلقا وهم الاكثرون ، وفصل آخرون فقبلوا الحسن اذا كان العمل بمضمونه مشتهرا.
وكذا اختلفوا في العمل بالموثق نحو اختلافهم فى الحسن ، فقبله قوم مطلقا ، ورده آخرون ، وفصل ثالث « منه ».