ولم يحمله في واحد منهما على منتصف ما بين الحدين. وهذا أيضا وان كان مجرد اشتباه منه ، الا أنه ليس بهذا البعد ، وستأتي بقية الكلام من بعد هذا المقام بعون الله الملك العلام.
فان قلت : يفهم من وجوب اتمام الصيام الى الليل اذا رؤي الهلال من وسط النهار وجوب اتمامه اليه اذا رؤي من آخر النهار ، فأي حاجة الى ذكره؟
قلت : في كون المفهوم حجة خلاف ، فلعله عليهالسلام لم يعتبره ، ولذلك لم يكتف بالاول ، أو هو من باب التصريح بما علم ضمنا ، فالقول بأن هذا الخبر دل بمنطوقه على وجوب الاتمام عند رؤية الهلال بعد الزوال ، وبمفهومه على وجوب الافطار عند رؤيته قبل الزوال محل نظر.
وخاصة اذا كان القائل انما أراد به الاستدلال على اثبات هذا المطلب ، اذ لو كان المفهوم معتبرا عنده لاكتفى بقوله « فان لم تروا الهلال الا من وسط النهار فأنموا الصيام الى الليل » ولم يذكر قوله « أو آخره » لان ذكر الوسط على هذا كما دل على وجوب الافطار قبل الزوال دل على وجوب الاتمام بعده.
فعدم الاكتفاء به عن الثاني حتى صرح بقوله « أو آخره » والاكتفاء به عن الاول تعسف ، وهذا لو سلم له أن المراد بوسط النهار منتصف ما بين الحدين ، وقد عرفت أنه خلاف الظاهر ، فلا يصار اليه الا بدليل.
ولعله عليهالسلام انما لم يذكر الثلث الاول من النهار (١) ، لان الهلال في ذلك الثلث بعيد عن الناظر فلا يرى ، لان بعد المرأى وخاصة اذا كان صغيرا مانع من الرؤية ، أو لانه في ذلك الثلث لم يبعد بعد بحركته الخاصة عن النير الاعظم بقدر يمكن أن يرى ، أو لانه في ذلك الثلث لما كان قريبا من الافق ، كان البخار
__________________
(١) اذا الكواكب اذا كانت قريبة من الافق بعدت عنا وهى على سمت الرأس بأزيد من نصف قطر الارض ، كما لا يخفى على من له أدنى تخيل « منه ».