محمول على الاعتبار الاول ، فان أهل بطن نخلة وهو موضع بين مكة وطائف لما غربت الشمس ورأوا الهلال وكانوا قد تبعوا في ذلك الشرع (١) ، قالوا : قد دخل الشهر الحرام ، فاليوم الذي يأتي بعد هذه الليلة يوم لهذه الليلة الماضية.
ومنه يظهر كذب المغيرية وعدم تأييد هذا الخبر الاعتبار ، لاعتبار رؤية الهلال قبل الزوال ، كما ظنه صاحب الذخيرة قدسسره ، وهو منه غريب ، فانه تأيد بهذا الخبر ولا تأييد فيه ، ولم يتأيد بخبر داود الرقي ، وفيه تأييد على احتمال.
قال الفاضل الخوانساري آقا حسين قدسسره على ما نقل عنه في حاشيته على رواية داود « اذا طلب الهلال في المشرق غدوة فلم ير ، فهو هنا هلال جديد رأى أو لم ير » : هذا الحديث بظاهره يدل على أن تحت الشعاع انما يكون في ليلة واحدة ، وهو خلاف الواقع ، فلا بد من تأويله.
والحق فيه أن مراده عليهالسلام أنه اذا طلب الهلال في المشرق غدوة يوم الثلاثين من شهر رمضان فلم ير ، فهو هلال الليلة الواحدة ، والشهر حينئذ ثلاثين يوما أعم من أن يرى في مسائه أو لم ير ، وأما اذا رأى فهو لليلتين ، والشهر حينئذ ناقص عن الثلاثين ، كما مر حديث في هذا المعنى انتهى.
وقال صاحب الوافي فيه : يعني اذا طلب الهلال أول اليوم في جانب المشرق حيث يكون موضع طلبه فلم ير فهو هاهنا ، أي : في جانب المغرب هلال جديد واليوم من الشهر الماضي ، سواء رؤي في جانب المغرب أو لم ير ، وقد مضى
__________________
(١) أى قالوا بخلاف الشرع ، والا فمجرد مخالفة اصطلاح ومتابعة اصطلاح آخر ليس بكذب بالمعنى المصطلح ، وهو مخالفة الخبر الواقع ، اذ لا مشاحة فى الاصطلاح ، الا أن يقال : ما اعتبره الشرع فهو الواقع ، فخلافه خلاف الواقع ، ويلزم منه كذب المنجمين وأهل الحساب ، كما يلزم منه كذب الروم والفرس فتأمل « منه ».