وجه آخر : اذا طلب الهلال في يوم الثلاثين في المشرق ، أي : في مشرق الطالب غدوة ، أي : في أول نهاره ، فلم ير لكونه في أول النهار تحت الافق فهو هنا ، أي : في جانب المشرق هلال جديد لا بالنسبة اليه ، بل بالنسبة الى الذين تحت أقدامه ، فان مشرقه مغربهم ومغربه مشرقهم ، وغدوه مساؤهم ومساءه غدوهم ، فاذا لم ير الهلال في المشرق في غدوه هذا ، وذلك لكونه تحت افق مشرقه وهو بعينه افق مغربهم ، فيكون فوق افق المغرب ، فاذا بزغت الشمس وظهرت فوق افق المشرق وهو تحته ، كان خارجا عن الشعاع ، فهو هنا هلال جديد بالنسبة اليهم رأى لما مر أو لم ير لذلك.
وظني أن ما ذكرناه أقل مئونة مما ذكروه ، ولا يرد عليه ما يرد عليه.
نعم لا بد من تخصيصه بماله مشرق ومغرب يكون لزمان قطع ما بينهما قد يتصور فيه خروج الشعاع ، فلا يكون فيما يقرب عرض التسعين ، والغرض هو الاشارة الى تخالف الافاق في تقدم طلوع الاهلة وتأخرها ، بناء على ما ثبت من كروية الارض وانه يجوز أن يكون افق غربي بالنسبة الى بلد شرقنا بالاضافة الى آخر وبالعكس ، والذين أنكروا كرويتها فقد أنكروا تحقق تلك الاختلافات.
والحق أن ضعفه سندا يغني عن تجشم مثل تلك التوجيهات.
وبالجملة ليس على اعتبار رؤية الهلال قبل الزوال فيما علمناه خبر صحيح صريح فيه سوى صحيحة حماد على ما تقرر عندنا ، وحسنته على المشهور.
ولكنها مع قطع النظر والاغماض عن ورودها في التقية واستلزامها ما هو خلاف الواقع لا تنهض حجة في معارضة الاصل والاستصحاب وما هو مشهور بين الاصحاب وتلك الاخبار وما في معناها الدال على انحصار الطريق في الرؤية أو مضي الثلاثين.
وعلى تقدير التعارض والتساقط لا يثبت به المطلوب ، لان على هذا التقدير لا