الان من الوسط وكل الزمان الذي بعده من الاخر ، يخرج الكلام عن الانتظام.
أقول : هذا حق وقد أشرنا اليه سالفا بقولنا والمفهوم من وسط النهار المقابل لاخره زمان ممتد متصل بذلك الاجزاء (١).
ثم قال رحمهالله : وأما ثانيا ، فلان تفصيله عليهالسلام بقوله « فان لم تروا الهلال الا من وسط النهار أو آخره » لا وجه له حينئذ ، لان العلم بكون الرؤية في الان المذكور لا يحصل لاحد من الماهرين في النجوم ، وان بالغ في تحصيل هذا العلم ، فكيف لغيرهم الا بتعليم الله تعالى ، فكيف يصح جعله علامة للمخاطبين بضميمة
__________________
(١) فان قلت : يمكن أن يكون المراد من الوسط هو قدر من الزمان الذى بعد نصف النهار مجازا ، والداعى على ارتكاب هذا المجاز هو ظاهر التفصيل الذى يدل على مخالفة الاول ، الغير المذكور بحسب الحكم للمذكورين ، واطلاق الوسط على قدر من الزمان الذي بعد نصف النهار ، يظهر من كلامهم عليهمالسلام فى وجه تسمية الظهر بالصلاة الوسطى.
قلت : نسبة الوسط المجازى اذا جعل الوسط الحقيقى هو الان الى طرفيه نسبة واحدة ، فلا وجه لتخصيصه بالبعد ، وما زعمته من اطلاق الوسط على زمان هو بعد نصف النهار سهو.
بل الوسط المذكور في بيان الصلاة الوسطى ، اما المعنى المجازى من الوسط بمعنى الان الذى هو طرفاه ، واما المعنى العرفى الذى هو الزمان الذى بين الاول والاخر ، سواء أريد من الوسط المعنى المجازى والحقيقى يكون قدر من الزمان الذى قبل نصف النهار داخلا فى الوسط.
وكون الوسط شاملا لبعض الزمان الذي قبل نصف النهار لا يستلزم كون ذلك البعض ظرف الظهر ، كما لا يستلزم نسبة وقوع أمر الى اليوم مثلا كون كل جزء منه ظرفا له ، وليس كذلك أمر رؤية الهلال فى وسط النهار المذكورة في الرواية.
فان قوله عليهالسلام « فان لم تروا الهلال الا من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام الى الليل » يدل على كون حكم الرؤية في أى جزء من أجزاء الوسط هو وجوب الاتمام الى الليل ، كما لا يخفى للمتدبر « منه ».