سوى الاحتياط ، وهو ليس من الأدلة الشرعية ، الا أنهم أخذوا به لما فيه من براءة الذمة يقينا بعد شغلها كذلك ، وهو طريق أنيق حسن مستقيم مسلوك للاخيار الأبرار ينبغي سلوكه ، ولا سيما في هذه الأزمان المفقودة فيه المجتهد ظاهر.
لأن الذمة لما كانت مشغولة بالعبادة يقينا ، وكان تحصيل اليقين ببراءتها عن هذه الشغل موقوفا على ذلك الاحتياط ، فلا بعد في القول بوجوبه. الا أن يقال : تحصيل اليقين بالبراءة غير واجب ، بل يكفي مجرد إذن بها ، وفيه شيء تأمل.
فان قلت : حكمهم هذا منقوض بما رواه أخطب خوارزم في الفصل السابع عشر في بيان ما أنزل الله من الآيات في شأن سيدنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه بقوله :
أخبرنا الإمام الى قوله فقال لهم النبي انما وليكم الله ورسوله الى قوله وهم راكعون ، ثم ان النبي صلىاللهعليهوآله خرج الى المسجد والناس بين قائم وراكع ، فبصر بسائل فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : هل أعطاك أحد شيئا؟ فقال : نعم خاتما من الذهب ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : من أعطاك؟ فقال : ذلك القائم وأومى بيده الى علي عليهالسلام فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : على أي حال أعطاك؟ فقال : أعطاني وهو راكع ، فكبر النبي صلىاللهعليهوآله ثم قرأ « وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ » (١).
قلت : قال الفاضل الأردبيلي رحمهالله في حاشيته على آيات أحكامه متعلقة بهذا الحديث : لعل الذهب زيادته غلطا من الراوي ، أو من الناسخ ، أو من السائل ، ولهذا ما وجد في غيره ، بل الموجود الفضة في مجمع البيان في هذه الرواية. ويحتمل أن يكون عنده عليهالسلام غير لابس له ، أو صار ذهبا لما أعطاه السائل.
أقول : ويحتمل أن يكون وقوع هذه الواقعة قبل تحريم لبس الذهب ، فانه
__________________
(١) المناقب للخوارزمي ص ١٨٦.