هذا أولى لما عرفته والأصل ، ولنا معه في الرسالة الحريرية مباحثات لطيفة تطلب من هناك.
فليحمل الحرمة المذكورة في الأخبار المذكورة في لباس الذهب على الكراهة ، ولا ترجيح هنا لاحد الحملين على آخر ، الا من جهة قول بعضهم بعدم خلافهم في حرمة لبس الذهب ، ولولاه لكان القول باباحة لبسه مطلقا نظرا الى التوفيق بين الأخبار أقوى ، لتأيده بالاباحة الأصلية السالمة عن المعارضات النقلية حيث لا ترجيح لاحد الحملين على الاخر فتبقى الاباحة على أصلها.
أقول : وهنا ترجيح آخر ، وهو أنه ليس في رواية روح بن عبد الرحيم الثقة ما رواه أبو الجارود في صدر الرواية من لفظة المحبة والكراهة ، لتكون قرينة على كراهة التختم بالذهب ، مع أنه منقوض بقوله ولا تلبس الحرير فان حرمته لا نزاع فيها ، فكما لا ينافيها لفظة الكراهة ، فكذلك لا ينافي تحريم الذهب. فما يقال في الاعتذار عن هذا يمكن أن يقال في الاعتذار عن ذاك.
فان قلت : قد تقرر عندهم ان الحديث المزيد على غيره من الاحاديث المروية في معناه مقبول ، حيث لا يقع منافيا لما رواه غيره من الثقات وهنا كذلك.
قلت : ان المزيد انما يقبل إذا وقعت ارادة من السبقة (١) لا مطلقا ، وهنا ليس كذلك لما عرفته من ضعف أبي الجارود وكذبه بل كفره نعوذ بالله.
على أنا نقول : لما كانت حرمة اللبس فيهم اتفاقية على القول المذكور ، فيمكن أن يقال : ان لبسه في جميع الاوقات ومنه وقت الصلاة منهي ، والنهي في العبادة مفسد إذا تعلق بعينها أو جزءها أو شرطها ، وستر العورة (٢) من شرط
__________________
(١) كذا ، ولا مفهوم للكلمة.
(٢) هذا على تقدير تمامه يدل على بطلان الصلاة في الذهب إذا كان سائرا ، وأما فى غير الصلاة فلا دلالة له عليه « منه ».