وقال الكشي : إنه ممن أجمعت العصابة على تصديقهم وانقادوا لهم بالفقه ، وقالوا : انهم أفقه الأولين (١). ولذلك قدم الأصحاب ما رواه ابن مسلم هذا على من ليس له حاله وجلاله.
ومنه يظهر أن قول المحقق في المعتبر بعد نقل رواية ابن جابر. وهذه الرواية أشهر وأظهر في العمل (٢) وكانه لذلك اختار القول بمقتضاها في الشرائع ليس بظاهر ولا معتبر.
بل الأظهر أن العمل برواية ابن مسلم أولى من العمل برواية ابن القاسم أيضا بعين ما ذكرناه وتعدد الطريق لا يعارضه ، اذ الضابط والعالم وان تعدد لا يكون كالاضبط والأعلم ، وعلى تقدير التعارض والتساقط يبقى عليه ما كان فرضه وقت الوجوب من القصر والإتمام.
وبالجملة الجمع بين صحيحتي محمد بن مسلم وابن جابر متعذر ، فلا بد حينئذ في ترجيح العمل باحداهما من مرجح ، وهو معنا كما ذكرناه.
نعم يمكن الجمع بين صحيحتي محمد والعيص بحمل الإتمام في صحيحة العيص على الاستحباب مع التخيير ، كما تدل عليه صحيحة منصور بن حازم وستأتي.
واعلم أن الشيخ روى حديث محمد بن مسلم في التهذيب بسندين : أحدهما ما سبق وهو مذكور في أبواب الزيادات (٣). وفي طريقه كما سبق أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى ، وهو وان كان على المشهور غير مدافع ، إلا أني في روايته متوقف ، لما قررناه في بعض رسائلنا.
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال ٢ / ٥٠٧.
(٢) المعتبر ٢ / ٤٨٠.
(٣) تهذيب الأحكام ٣ / ٢٢٢ ، ح ٦٦.