من الجالب للنفع ، لان دفع الضرر واجب عقلا ونقلا ، بخلاف جلب النفع.
وأيضا فان ترك المباح لا يعاقب عليه ، وأما فعل الحرام ففيه عقاب.
وبتقرير آخر : احتمال كون تلك الابنة المزني بأمها سابقا على العقد عليها حراما على الزاني ، قائم في هذا الزمان ، فعقده عليها بعد أن زنا بامها مردد بين كونه مباحا ورد به الحديث في الجملة ، وبين كونه حراما وتشريعا وادخالا لما ليس من الدين فيه.
ولا ريب في أن ترك المباح ، وخاصة اذا كان مكروها ، كما اعترف به صاحب الكفاية ، أولى من الوقوع في الحرمة والبدعة ، فان تاركها متيقن للسلامة ، وفاعلها متعرض للندامة.
وأيضا فان القول بالتحريم والعمل بما دل عليه من الاخبار أقرب من النجاة وأبعد من الهلاكة ، قال سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله : حلال بين ، وحرام بين ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجى من المحرمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم (١).
أقول : من زنا بامرأة ثم عقد على ابنتها ، فلا شبهة في أن هذه الابنة ليست له بحلال بين ، بعد ورود تلك الاخبار وتصريح أولئك الاخبار بتحريمها عليه ، فهي عليه : اما حرام بين ، أو شبهة بين ذلك ، فاذا أخذ بها هلك من حيث لا يعلم.
وأيضا فان العمل بصحيحة محمد بن مسلم ومن شاكله أولى من العمل بصحيحة سعيد ومن شابهه ، فانه أضبط منهم وأوثق وأورع وأعلم ، والاعلم أبعد من احتمال الغلط ، وأنسب من نقل الحديث على وجهه ، فكان أولى ، ولذلك قدم الاصحاب ما رواه محمد هذا على من ليس له حاله وجلاله.
ومن هذا السبب أيضا رجح المحقق في الشرائع القول بالتحريم ، قائلا
__________________
(١) عوالي اللئالي ١ / ٨٩ ، ح ٢٤.