وأما على القول بالعمل به ، فلان الضعيف لا يقاوم القوي ، وخاصة إذا كان القوي موافقا لإجماعهم ، والضعيف مخالفا له ، وذلك أنهم اتفقوا الا ابن الجنيد على حرمان الزوجة في الجملة من شيء من أعيان التركة.
وأما ابن الجنيد ، فإنه خالفهم في ذلك وحكم بإرثها من كل ما تركه زوجها كسائر الورثة ، وتمسك في ذلك بعموم الآية وخصوص هذا الخبر ، والظاهر أنه مبني على أنه لا يقول بجواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، كما هو مذهب جماعة من الأصوليين ، ولكن قد استبان في كتب الأصول وهنه لضعف دليله.
واعلم أن منهم من حكم بصحة هذا الخبر ، ولعله ظن أن المراد بأبان هذا ابن تغلب ، وهو بعيد ، فإنه قد مات في حياة سيدنا أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ، وفضالة بن أيوب من رواة الكاظم والرضا عليهماالسلام ، فهو لم يلق ابن تغلب ، فكيف يروي عنه؟
فالحق أن المراد به ابن عثمان الأحمر الناووسي من رواة الصادق والكاظم عليهماالسلام ، فرواية ابن أيوب عنه غير بعيد ، ولكن السند كما قلناه موثق لا صحيح.
نعم هو كالصحيح ، لأن أبان بن عثمان ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه. والظاهر أن مرادهم بالصحة هذا ، لا ما هو المشهور من كون رجال السند في جميع الطبقات إماميا مصرحا بالتوثيق.
لا يقال : قوله تعالى ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) (١) يوجب عدم اعتبار رواية أمثال ابن عثمان ، إذ لا فسق أعظم من عدم الايمان.
لأنا نقول : الفسق هو الخروج عن طاعة الله مع اعتقاد الفاسق كذلك ، ومثل هذا ليس كذلك ، فان هذا الاعتقاد عند معتقده هو الطاعة لا غير. وفيه نظر.
__________________
(١) سورة الحجرات : ٦.