فقال : لا والله ما اتقيتك ولكني اتقيت عليك ، فهل علم بذلك أحد ، قلت : لا قال : فأعطها ما بقي (١).
فبمقتضى قواعد الأصحاب حيث صرحوا بأن أحد الخبرين إذا كان مخالفا لأهل الخلاف والأخر موافقا لهم ، يرجح المخالف لاحتمال التقية في الموافق ، على ما هو المعلوم من أحوال الأئمة عليهمالسلام.
وقد أخذوا ذلك من مقبولة عمر بن حنظلة بل صحيحته ، فان الشهيد الثاني رحمهالله وثقه في دراية الحديث ، قال : جعلت فداك وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والأخر مخالفا لها ، بأي الخبرين يؤخذ؟ قال : بما يخالف العامة فإن فيه الرشاد ، وجب الأخذ بما يخالفهم.
ومن هنا ترى شيخ الطائفة يقول في كتابه العدة : إذا تساوت الروايتان في العدالة والعدد ، عمل بأبعدهما من قول العامة.
ويؤيد كونه محمولا على التقية قول الراوي « أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة فلا يرث من ذلك شيئا » فإنه صريح في أن عدم إرثها من ذلك كان شائعا ذائعا فيهم مشهورا معروفا بينهم مسلم عندهم ، وانما كان المشتبه عليهم أمر الرجل ومساواته لها في ذلك.
فهذه الرواية في الحقيقة لنا لا علينا ، مع أنها معارضة بموثقات مثلها ، كما سيأتي.
لا يقال : هذا الخبر وان كان مخالفا لإجماعهم ، الا أنه موافق لعموم القرآن فله جهة ترجيح فليؤخذ بها.
لأنا نقول : احتمال وروده على التقية مع معارضته بموثقات مثله بمنع الأخذ به ، بل يسقط حكمه رأسا ، ويبقى ما دل عليه صحاح الاخبار سالما عن المعارض ،
__________________
(١) تهذيب الاحكام ٩ / ٢٧٧ ، ح ١٤.