الحسين عليهالسلام من القيام بأي عمل امتثالاً لوصيّة أخيه ، فقد أوصاه بأن لا يهراق في أمره ملء محجمة من دم .
وجيء بالجثمان الطاهر إلى بقيع الغرقد ، فواروه فيه ، وقد واروا معه الحلم والشرف والفضيلة ، وقد انطوت بذلك أروع صفحة مشرقة من صفحات النبوّة والإمامة .
لقد شاهد أبو الفضل العبّاس عليهالسلام الأحداث المروّعة التي حلّت بأخيه الإمام أبي محمّد عليهالسلام ، فزهّدته في الحياة ، وكرهت له العيش ، وحبّبت له الثورة والجهاد في سبيل الله .
ولمّا تمادى معاوية في سياسته الملتوية المناهضة لمصالح المسلمين والمعادية لأهدافهم ، قام أبو الأحرار الإمام الحسين عليهالسلام بالإنكار على معاوية ، وأخذ يعمل بشكل مكثّف إلى فضح معاوية ، ويدعو المسلمين إلى الانتفاضة والثورة على حكومته ، ونقلت أجهزة الأمن والمباحث في يثرب إلى معاوية هذه النشاطات السياسيّة المناهضة لحكومته ، ففزع من ذلك أشدّ الفزع ، ورفع إليه مذكّرة شديدة اللهجة يطلب فيها الكفّ عن معارضته ، وهدّده باتّخاذ الاجراءات القاسية ضدّه إن لم يستجب له .
فأجابه أبو الأحرار بجواب شديد اللهجة وضعه فيه على طاولة التشريح ، ونعى عليه سياسته الظالمة التي تفجّرت بكلّ ما خالف كتاب الله وسنّة نبيّه ، وندّد بما اقترفه من ظلم تجاه الأحرار والمصلحين ، أمثال حجر بن عدي ، وعمرو بن الحمق الخزاعي ، ورُشيد الهجري ، وغيرهم من أعلام الفكر في الوطن الإسلامي .
إنّ جواب الإمام أبي
الشهداء من ألمع الوثائق السياسيّة ، فقد وضع الإمام فيها النقاط على الحروف ، وعرض بصورة مفصّلة الأحداث الرهيبة التي جرت أيّام