وقال متمثّلاً :
سَأَمْضِي وَمَا بِالمَوتِ عَارٌ عَلَى الفَتَى |
|
إذَا مَا نَوَىٰ حَقّاً وَجَاهَدَ مُسْلِمَا |
وَآسىٰ الرِّجالَ الصّالِحينَ بِنَفْسِهِ |
|
وَفارَقَ مَثبُوراً وَخالَفَ مُجْرِما |
فَإِنْ عِشْتُ لَمْ أَنْدَمْ وَإِنْ مُتُّ لَمْ أُلَمْ |
|
كَفَىٰ بِكَ عَاراً أَنْ تَذِلَّ وتُرْغَمَا (١) |
لقد مضيت يا أبا الأحرار قدماً إلى الموت بعزم وتصميم ، وأنت مرفوع الرأس ، ناصع الجبين في سبيل كرامتك ، ولم تخضع ولم تلن لاُولئك الأقزام الذين غرقوا في الرذائل والموبقات .
وسار موكب الإمام لا يلوي على شيء حتّى انتهى إلى ( زبالة ) (٢) ، فوافاه النبأ الفظيع بشهادة عبد الله بن يقطر ، الذي أوفده للقيا مسلم بن عقيل ، فقد ألقت الشرطة القبض عليه ، وبعثته مخفوراً إلى ابن مرجانة .
فلمّا مثل عنده صاح به الخبيث الدنس : اصعد المنبر ، والعن الكذّاب ـ يعني الإمام الحسين عليهالسلام ـ ابن الكذّاب ، حتّى أرى رأيي فيك (٣) .
وظنّ ابن مرجانة أنّه على غرار شرطته ، ومن سنخ جلّاديه الذين باعوا ضمائرهم عليه ، وما درى أنّه من أفذاذ الأحرار الذين تربّوا في مدرسة أهل البيت عليهمالسلام ، وسجّلوا الفخر والشرف لهذه الاُمّة .
__________________________
(١) الإرشاد : ٢ : ٨٠ ـ ٨١ . أنساب الأشراف : ٣ : ٣٨٢ و ٣٨٣ . تاريخ الاُمم والملوك : ٤ : ٣٠٥ . الفتوح : ٥ : ٧٩ . الكامل في التاريخ : ٣ : ٢٨٠ و ٢٨١ . الدرّ النظيم : ٥٤٩ .
(٢) زُباله ـ بضمّ أوّله ـ : وهو منزل معروف بطريق مكة من الكوفة ، وهي قرية عامرة لها أسواق بين واقصة والثعلبية . معجم البلدان : ٣ : ١٤٥ .
(٣) تاريخ الاُمم والملوك : ٤ : ٣٠٣ . الكامل في التاريخ : ٣ : ٢٧٨ .