حكومة معاوية ، كما حدّد فيها موقفه المتّسم بالثورة على حكومة معاوية (١) .
وعقد الإمام أبو عبد الله الحسين عليهالسلام مؤتمراً سياسيّاً في مكّة المكرّمة حضره جمهور غفير من المهاجرين والأنصار والتابعين ممّن شهدوا موسم الحجّ ، فقام فيهم خطيباً ، وتحدّث ببليغ بيانه عمّا ألمّ بهم وبشيعتهم من ضروب المحن والبلاء في عهد الطاغية معاوية ، وقد روى سليم بن قيس قطعة من خطابه ، جاء فيه بعد حمد الله والثناء عليه :
« أَمّا بَعْدُ ، فَإِنَّ هٰذَا الطّاغِيَةَ ـ يعني معاوية ـ قَدْ فَعَلَ بِنا وَبِشِيعَتِنا ما عَلِمْتُم وَرَأَيْتُمْ وَشَهِدْتُمْ ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسأَلَكُمْ عَن شَيْءٍ فَإِنْ صَدَقتُ فَصَدِّقُونِي ، وَإنْ كَذِبتُ فَكَذِّبوُنِي ، وَاسمَعُوا مَقالَتي ، وَاكْتُبُوا قَوْلي ، ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَى أَمْصارِكُمْ وَقَبائِلِكُمْ ، وَمَن ائْتَمَنْتُمُوهُ مِنَ النّاسِ وَوَثِقْتُمْ بِهِ فَادْعُوهُ إِلىٰ ما تَعْلَمُونَ مِن حَقِّنا ، فَإِنّا نَخافُ أَنْ يُدْرَسَ هٰذَا الْحَقُّ ، وَيَذْهَبَ وَيُغْلَبَ ، وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكافِرُونَ » .
ويقول سُليم بن قيس : وما ترك الحسين شيئاً ممّا أنزله الله فيهم من القرآن إلّا تلاه وفسّره ، ولا شيئاً ممّا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في أبيه وأخيه وفي نفسه وأهل بيته إلّا رواه ، وفي كلّ ذلك يقول أصحابه : اللّهمّ نعم قد سمعنا وشهدنا ، ويقول التابعي : اللّهمّ قد حدّثني به من اُصدقه ، وائتمنه من الصحابة .
فقال عليهالسلام : « أُنْشِدُكُمُ اللهَ إِلَّا حَدَّثْتُمْ بِهِ مَنْ تَثِقُونِ بِهِ وَبِدِينِهِ » (٢) .
وكان هذا أوّل مؤتمر سياسي عرفه المسلمون في ذلك الوقت ، فقد شجب فيه
__________________________
(١) نصّ الرسالة ذكرها ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : ١ : ١٨٩ .
(٢) كتاب سُليم بن قيس : ٣٢٠ . الاحتجاج : ٢ : ٨٧ و ٨٨ .