وأحلّ به نقمته .
لقد تقابل اثنان وثلاثون فارساً ، وأربعون راجلاً من أصحاب الإمام عليهالسلام مع عشرات الآلاف من الجيش الأموي ، وكانت تلك القلّة المؤمنة كفؤاً لتلك الكثرة التي تملك أضخم العتاد والسلاح ، فقد أبدت تلك القلّة من صنوف البسالة والشجاعة ما يبهر العقول ويحيّر الألباب .
وشنّت قوّات ابن سعد هجوماً عامّاً واسع النطاق على أصحاب الإمام عليهالسلام وخاضوا معهم معركة ضارية ، وقد اشترك فيها المعسكر الأموي بكامل قطعاته ، وقد انبرى إليهم أصحاب الإمام بعزم وإخلاص لم يشهد له نظير في جميع الحروب التي جرت في الأرض ، فقد كانوا يخترقون جيش ابن سعد بقلوب أقوى من الصخر ، وقد أنزلوا بهم خسائر فادحة في الأرواح والمعدّات .
وقد استشهد نصف أصحاب الإمام عليهالسلام في هذه الحملة (١) .
ولمّا سقطت الصفوة الطاهرة من أصحاب الإمام عليهالسلام صرعى على أرض الشهادة والكرامة ، هبّ من بقي منهم إلى المبارزة ، وقد ذعر المعسكر بأسره من بطولاتهم النادرة ، فكانوا يستقبلون الموت بسرور بالغ ، وقد ضجّ الجيش من الخسائر الفادحة التي مُني بها ، وقد بادر عمرو بن الحجّاج الزبيدي ، وهو من الأعضاء البارزين في قيادة جيش ابن سعد فهتف في الجيش ينهاهم عن المبارزة قائلاً : يا حمقى ! أتدرون مَن تقاتلون ؟ تقاتلون فرسان أهل المصر وقوماً مستميتين مستقلين ، فلا يبرزنّ لهم
__________________________
(١) مع الحسين في نهضته : ٢٢٠ .