كنزاً من كنوز العلم والحكمة والإيمان ، والذي ما فكّر إلّا بتوزيع خيرات الله على البؤساء والمحرومين ، وإشاعة الحقّ والعدل بين الناس .
ولمّا أحسّ الإمام بلذع السيف علت على شفتيه ابتسامة الرضا والظفر ، وراح يقول : « فزت وربّ الكعبة » .
لقد فزت يا إمام المصلحين ، فقد وهبت حياتك لله ، وجاهدت في سبيله جهاد المنيبين والمخلصين .
لقد فزت يا إمام المتّقين لأنّك في طيلة حياتك لم توارب ولم تخادع ولم تداهن ، ومضيت على بصيرة من أمرك مقتدياً بسيّد المرسلين ابن عمّك صلّى الله عليه وعليك ، فكان ذلك حقّاً هو الفوز العظيم .
لقد فزت أيّها الإمام الحكيم لأنّك خبرت الدنيا ، وعرفتها دار فناء وزوال فطلّقتها ثلاثاً ، وأعرضت عن زينتها ومباهجها ، واتّجهت صوب الله فعملت كلّ ما يرضيه ، وما يقرّبك إليه زلفى .
وحُمل الإمام إلى منزله ، وقد فاضت عيون الناس بالدموع ، وتقطّعت النفوس ألماً وحزناً ، وكان الإمام هادئ النفس ، قرير العين ، قد تعلّق قلبه بالله ، وهام في مناجاته ، وقد سأله مرافقة الأنبياء والأوصياء ، وأخذ يلقي نظراته على أولاده ، وخصّ ولده أبا الفضل بالعطف والحنان ، واستشفّ من وراء الغيب أنّه ممّن يرفع رايه القرآن ، ويقوم بنصرة أخيه ريحانة رسول الله المنافح الأوّل عن رسالة الإسلام .
ولمّا شعر الإمام العظيم بدنوّ أجله المحتوم أخذ يوصي أولاده بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، وأمرهم أن يجسّدوا الإسلام في سلوكهم واتّجاهاتهم ، وفيما يلي بعض بنود وصيّته :