من التزاماتهم تجاهه ، وقد عرّفهم أنّه بالذات هو الهدف لتلك الوحوش الكاسرة المتعطّشة إلى سفك دمه ، فإذا ظفروا به فلا إرب لهم في طلب غيره .
ولم يكد يفرغ الإمام من خطابه حتّى هبّت الصفوة من أهل البيت عليهمالسلام ، وعيونهم تفيض دموعاً ، وهم يعلنون ولاءهم له ، وتضحيتهم في سبيله ، وقد مثّلهم أبو الفضل العباس عليهالسلام فخاطب الإمام قائلاً : لِمَ نفعل ذلك ؟! لنبقى بعدك لا أرانا الله ذلك أبداً .
والتفت الإمام إلى السادة من أبناء عمّه من بني عقيل ، فقال لهم : حَسْبُكُمْ مِنَ القَتْلِ بِمُسْلِمٍ ، اذْهَبُوا فَقَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ .
وهبّت فتية آل عقيل كالاُسود تتعالى أصواتهم ، قائلين : إذن ما يقول الناس ؟ وما نقول ؟ إنّا تركنا شيخنا وسيدنا ، وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرمِ معهم بسهم ، ولم نطعن برمح ، ولم نضرب بسيف ولا ندري ما صنعوا ؟ لا واللهِ لا نفعل ، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا نقاتل معك ، حتىٰ نرد موردك ، فقبّح الله العيش بعدك (١) .
لقد صمّموا على حماية الإمام العظيم ، والدفاع عن أهدافه ومبادئه ، واختاروا الموت تحت ظلال الأسنّة على الحياة التي لا هدف فيها .
أمّا أصحاب الإمام عليهالسلام فهم أحرار هذه الدنيا ، وقد اندفعوا يعلنون للإمام عليهالسلام الفداء والتضحية دفاعاً عن المبادئ المقدّسة التي ناضل من أجلها الإمام ، وقد انبرى مسلم بن عوسجة فخاطب الإمام قائلاً : « أنحن نُخلّي عنك ؟! وبماذا نعتذر إلى الله سبحانه في أداء حقّك ، أما واللهِ لا اُفارقك حتىٰ أطعن في صدورهم برمحي ،
__________________________
(١) الإرشاد : ٩١ : ٩٢ . تاريخ الاُمم والملوك : ٤ : ٣١٨ . الكامل في التاريخ : ٣ : ٢٨٥ .