أتؤمننا وابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله لا أمان له (١) .
وولّى الخبيث خائباً ، فقد ظنّ أنّ السادة الأماجد إخوة الإمام من طراز أصحابه الممسوخين الذين باعوا ضمائرهم على ابن مرجانة ووهبوا حياتهم للشيطان ، ولم يعلم أنّ إخوة الحسين عليهالسلام من أفذاذ الدنيا الذين صاغوا الكرامة الإنسانيّة ، وصنعوا الفخر والمجد للإنسان .
وزحفت طلائع الشرك والكفر لحرب ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآله في عصر الخميس لتسع خلون من شهر محرّم ، بعد أن صدرت إليهم الأوامر المشدّدة من ابن مرجانة بتعجيل القتال وحسم الموقف خوفاً من تبلور رأي الجيش وحدوث انقسام في صفوفه ، وكان الإمام محتبياً بسيفه أمام بيته ، إذ خفق برأسه ، فسمعت شقيقته عقيلة بني هاشم السيّدة زينب أصوات الرجال ، وتدافعهم نحو أخيها ، فانبرت إليه فزعة مرعوبه ، فأيقظته ، فرفع الإمام رأسه فرأى اُخته مذهولة ، فقال لها بعزم وثبات : إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلىاللهعليهوآله فِي الْمَنامِ ، فَقالَ : إِنَّكَ تَرُوحُ إِلَيْنا .
وذابت نفس العقيلة أسى وحسرات ، وانهارت قواها ، ولم تملك نفسها أن لطمت وجهها ، وراحت تقول : يا ويلتاه .
والتفت أبو الفضل إلى أخيه فقال له : يا أخي أتاك القوم .
وطلب الإمام منه أن يتعرّف على خبرهم قائلاً : ارْكَبْ بِنَفْسِي أَنْتَ يا أَخِي حَتَّىٰ تَلْقاهُم ، وَتَقُولَ لَهُمْ : ما لَكُمْ وَما بَدا لَكُمْ ، وَتَسْأَلَهُمْ عَمّا جاءَ بِهِمْ ؟ (٢) .
__________________________
(١) أنساب الأشراف ٣ : ١٨٤ .
(٢) الإرشاد : ٢ : ٩٠ . روضة الواعظين : ١٨٣ . بحار الأنوار : ٤٤ : ٣٩١ . الفتوح : ٥: ٩٧ . تاريخ الاُمم والملوك : ٤: ٣١٥ . الكامل في التاريخ : ٣ : ٢٨٤ و ٢٨٥ . البداية والنهاية : ٨ : ١٧٨ .