تَقْتُلُونِي وَسَأَقُولُ كَما قالَ أَخُو الْأَوْسِ لِابْنِ عَمِّهِ وَهُوَ يُرِيدُ نُصْرَةَ رَسُولِ الله صلىاللهعليهوآله فَخَوَّفَهُ ابْنُ عَمِّهِ وَقالَ : أَيْنَ تَذْهَبُ ؟ فَإِنَّكَ مَقْتُولٌ ، فَقَالَ :
سَأَمْضِي وَمَا بِالمَوتِ عَارٌ عَلَى الفَتَى |
|
إذَا مَا نَوَىٰ حَقّاً وَجَاهَدَ مُسْلِمَا |
وَآسىٰ الرِّجالَ الصَّالِحينَ بِنَفْسِهِ |
|
وَفارَقَ مَثبُوراً وَخالَفَ مُجْرِما |
فَإِنْ عِشْتُ لَمْ أَنْدَمْ وَإِنْ مُتُّ لَمْ أُلَمْ |
|
كَفَىٰ بِكَ ذُلّاً أَنْ تَعِيشَ وتُرْغَمَا (١) |
ولمّا سمع الحرّ ذلك تنحّى عنه ، وعرف أنّه مصمّم على الموت والتضحية لإنقاذ المسلمين من ويلات الأمويّين وجورهم .
وتابعت قافلة الإمام سيرها في البيداء ، وهي تارة تتيامن ، واُخرى تتياسر ، وجنود الحرّ يذودون الركب عن البادية ، ويدفعونه تجاه الكوفة ، والركب يمتنع عليهم ، وبينما هم كذلك وإذا براكب يجدّ في سيره ، فلبثوا هنيهة ينتظرونه فإذا به رسول من ابن زياد إلى الحرّ ، فسلّم الخبيث على الحرّ ولم يسلّم على ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وناول الحرّ رسالة من ابن مرجانة جاء فيها :
أمّا بعد : فجعجع بالحسين حين يبلغك كتابي ، ويقدم عليك رسولي ، فلا تنزله إلّا بالعراء في غير حصن ولا على غير ماء ، وقد أمرت رسولي أن يلزمك فلا يفارقك حتّى يأتيني بإنفاذك أمري ، والسلام .
وأعرض ابن مرجانة عمّا عهد به إلى الحرّ من إلقاء القبض على الإمام ، وإرساله مخفوراً إلى الكوفة ، ومن المحتمل أنّه خاف من تطوّر الأحداث ، وانقلاب الأوضاع عليه إن وصل الإمام إلى الكوفة ، فرأى التحجير في الصحراء بعيداً عن المدن أوْلى
__________________________
(١) الإرشاد : ٢ : ٨٠ و ٨١ . أنساب الأشراف : ٣ : ٣٨٢ و ٣٨٣ . تاريخ الاُمم والملوك : ٤ : ٣٠٥ . الفتوح : ٥ : ٧٩ . الكامل في التاريخ :٣ : ٢٨٠ و ٢٨١ .