في العالم .
ولمّا رأى أبو الفضل عليهالسلام وحدة أخيه ، وقتل أصحابه وأهل بيته الذين باعوا نفوسهم لله ، انبرى إليه يطلب الرخصة منه ليلاقي مصيره المشرق ، فلم يسمح له الإمام ، وقال له بصوت حزين النبرات : أَنْتَ صاحِبُ لِوَائِي .
لقد كان الإمام يشعر بالقوّة والحماية ما دام أبو الفضل ، فهو كقوّة ضاربة إلى جانبه يذبّ عنه ، ويردّ عنه كيد المعتدين .
وألحّ عليه أبو الفضل قائلاً : « لقد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين ، وأُريد أن آخذ ثأري منهم » (١) .
لقد ضاق صدره ، وسئم من الحياة حينما رأى النجوم المشرقة من إخوته وأبناء عمومته صرعى مجزّرين على رمضاء كربلاء ، فتحرّق شوقاً للأخذ بثأرهم والالتحاق بهم . وطلب الإمام منه أن يسعى لتحصيل الماء إلى الأطفال الذين صرعهم العطش ، فانبرى الشهم النبيل نحو اُولئك الممسوخين الذين خلت قلوبهم من الرحمة والرأفة ، فجعل يعظهم ويحذّرهم من عذاب الله ونقمته .
ووجّه خطابه بعد ذلك إلى ابن سعد : « يا بن سعد ، هذا الحسين ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله قد قتلتم أصحابه وأهل بيته ، وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى فاسقوهم من الماء ، قد أحرق الظمأ قلوبهم ، وهو مع ذلك يقول : دعوني أذهب إلى الروم أو الهند واخلي لكم الحجاز والعراق » .
وساد صمت رهيب على قوّات ابن سعد ، ووجم الكثيرون ، وودّوا أنّ الأرض تسيخ بهم ، فانبرى إليه الرجس الخبيث شمر بن ذي الجوشن فردّ عليه قائلاً :
__________________________
(١) بحار الأنوار : ٤٥ : ٤١ .