بالوصول إلى أهدافه .
وقرأ الحرّ كتاب ابن مرجانة على الإمام ، وكان يريد أن يستأنف سيره ليحطّ رحله صوب قرية أو ماء ، فامتنع عليه الحرّ لأنّ نظرات الرقيب الوافد من ابن زياد كانت تتابعه ، وكان يسجّل عليه كلّ بادرة يخالف أوامر سيّده ابن مرجانة ، وأشار زهير بن القين ـ وهو من أعلام أنصار الإمام ، ومن خلّص أصحابه ـ عليه أن يبادر إلى قتال الحرّ ، فامتنع عليه الإمام ، وقال : ما كُنْتُ لِأَبْدَأَهُمْ بِقِتالٍ .
وكان ركب الإمام في كربلاء ، فأصرّ عليه الحرّ أن ينزل فيها ، ولم يجد الإمام بُدّاً من النزول ، فالتفت إلى أصحابه قائلاً : ما اسْمُ هٰذَا الْمَكانِ ؟
ـ كربلاء .
وفاضت عيناه بالدموع ، وراح يقول : اللّٰهُمَّ إِنَّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَرْبِ وَالْبَلَاءِ (١) .
وأيقن الإمام بنزول الرزء القاصم ، فالتفت إلى أصحابه ينعى إليهم نفسه ونفوسهم
__________________________
(١) الفتوح : ٥ : ٨١ .
وفي تذكرة الخواص : ٢٢٥ : « أنّه لمَا قيل للحسين عليهالسلام : هذه أرض كربلاء أخذ ترابها فشمّها ، وقال : هَذِهِ وَاللهِ هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا جَبْرَئِيلُ رَسُولَ اللهِ صلىاللهعليهوآله وَإِنَّنِي أُقْتَلُ فِيهَا » .
وجاء في حياة الحيوان / الدميري : ١ : ٨٧ : « أنّ الحسين سأل عن اسم المكان فقيل له : كربلاء ، فقال : ذَاتُ كَرْبٍ وَبَلاءٍ ، لَقَدْ مَرَّ أَبِي بِهٰذَا الْمَكَانِ عِنْدَ مَسِيرِهِ إِلَىٰ صِفِّينَ وَأَنَا مَعَهُ ، فَوَقَفَ وَسَأَلَ عَنْهُ فَأَخْبَرُوهُ بِاسْمِهِ ، فَقَالَ : هَاهُنَا مَحَطُّ رِحَالِهِمْ ، وَهَاهُنَا مُهرَاقُ دِمَائِهِمْ .
فَسُئِلَ عَنْ ذلِكَ .
فَقَالَ : نَفَرٌ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ يَنْزِلُونَ هَاهُنَا » ، ثمّ أمر بأثقاله فحطّت في ذلك المكان . وكذلك جاء في مختصر صفوة الصفوة : ٢٦٢ .