أقدامهم وخيّم عليهم الموت ، وراحوا يمنّونه بإعطاء القيادة العامّة إن تخلّى عن مساندة أخيه ، فهزأ منهم العبّاس ، وزاده ذلك تصلّباً في الدفاع عن عقيدته ومبادئه .
إنّ شجاعة أبي الفضل عليهالسلام ، وما أبداه من البسالة يوم الطفّ لم تكن من أجل مغنم ماديّ من هذه الحياة ، وإنّما كانت دفاعاً عن أقدس المبادئ الماثلة في نهضة أخيه سيّد الشهداء المدافع الأوّل عن حقوق المظلومين والمضطهدين .
وبهر شعراء الإسلام بشجاعة أبي الفضل ، وقوّة بأسه ، وما ألحقه بالجيش الأموي من الهزيمة الساحقة ، وفيما يلي بعض الشعراء الذين هاموا بشخصيّته :
ووصف الشاعر العلوي السيّد جعفر الحلّي في رائعته ما مُني به الجيش الأموي من الرعب والفزع من أبي الفضل عليهالسلام يقول :
وَقَعَ العَذابُ عَلىٰ جُيوشِ اُمَيَّةٍ |
|
مِنْ باسِلٍ هُوَ في الوَقائِعِ مُعْلِمُ |
ما راعَهُمْ إِلّا تَقَحُّمُ ضَيغَمٍ |
|
غَيرانَ يُعجِمُ لَفظَهُ وَيُدَمْدِمُ |
عَبَسَتْ وجوهُ القَومِ خَوفَ المَوتِ |
|
وَالعَبّاسُ فيهِمْ ضاحِكُ مُتَبَسِّمُ |
قَلَبَ اليمينَ عَلى الشِّمالِ وَغاصَ في |
|
الأَوْساطِ يَحصِدُ للرُّؤوسِ وَيَحْطِمُ |
ما كَرَّ ذو بَأسٍ لَهُ مُتَقَدِّماً |
|
إِلّا وَفَرَّ وَرَأْسُهُ المُتَقَدِّمُ |
صَبَغَ الخُيولَ بِرُمْحِهِ حَتّىٰ غَدا |
|
سَيّانَ أَشقَرُ لَونِها وَالأَدْهَمُ |
ما شَدَّ غَضْباناً عَلىٰ مَلْمومَةٍ |
|
إِلّا وَحَلَّ بِها البَـلاءُ المُبرَمُ |
وَلَهُ إِلى الإِقْدامِ سرعَةُ هارِبٍ |
|
فَكَأَنَّما هُوَ بِالتَّقَدُّمِ يَسلَمُ |
بَطَلٌ تَوَرَّثَ مِنْ أَبيهِ شَجاعَةً |
|
فيها اُنوفُ بَني الضَّلالَةِ تُرغَمُ |