ولمّا علم مسلم ما جرى على هانئ العضو البارز في الثورة من الاعتداء والاعتقال ، بادر إلى إعلان الثورة على ابن زياد ، فأوعز إلى أحد قاده جيشه عبد الله ابن حازم أن ينادي في أصحابه ، وقد ملأ بهم الدور ، فاجتمع إليه زهاء أربعة آلاف مقاتل أو أربعون ألفاً ـ كما في رواية اُخرى ـ وتعالت أصواتهم بشعار المسلمين يوم بدر « يا منصور أمت » .
وقام مسلم بتنظيم جيشه ، فأسند القيادات العامّة إلى مَن عُرفوا بالولاء والإخلاص لأهل البيت عليهمالسلام ، وزحف بجيشه نحو قصر الإمارة ، وكان ابن زياد قد خرج إلى الجامع ، وقد ألقى خطاباً على الجماهير تهدّد فيه على كلّ من يخلع يد الطاعة ، ويناهض الدولة ، وحينما أنهى خطابه سمع الضجّة وأصوات الثوّار وهتافاتهم بسقوطه ، فهاله ذلك ، وسأل عن السبب فاُخبر أنّ مسلم بن عقيل قد أقبل في جمهور من شيعته لحربه ، ففزع الجبان ، واختطف الرعب لونه ، وأسرع نحو القصر يلهث كالكلب من شدّة الفزع والخوف ، وضاقت عليه الدنيا ، إذ لم تكن عنده قوّة عسكريّة تحميه سوى ثلاثين شرطيّاً وعشرين رجلاً من أشراف الكوفة الذين عرفوا بالعمالة للأمويّين .
وتضاعف جيش مسلم ، وقد نشروا الأعلام والسيوف ، ودقّت طبول الحرب ، وأيقن الطاغية بالهلاك ، إذ لم يكن يأوي إلى ركن شديد .
وأمعن الطاغية في
أقرب الوسائل وأكثرها ضماناً لإنقاذه ، فرأى أن لا طريق له سوى حرب الأعصاب ، ونشر الدعايات الكاذبة ، وكان عالماً بتأثيرها على نفوس الكوفيّين ، فأوعز إلى عملائه من أشراف الكوفة ووجوهها أن يندسّوا بين صفوف