من ذئاب الأمويّين ، وسائر القبائل القرشيّة من تحقيق أهدافها ومثلها العليا .
لقد شاهد أبو الفضل العبّاس عليهالسلام وهو في دور الشباب فصول هذه المأساة الكبرى فكوت قلبه ، وهزّت عواطفه ، فقد جرّت لأهل بيته المصائب ، وأخلدت لهم المحن والخطوب .
ومن بين المحن الشاقّة التي امتحن بها الإمام امتحاناً عسيراً هي ثورة الخوارج ، فقد كان معظمهم من بهائم البشر ، فقد امتطاهم معاوية ، وجعلهم جسراً لنيل أطماعه وأهدافه من حيث لا يشعرون ، فهم الذين أرغموا الإمام على قبول التحكيم ، وإيقاف عمليّات الحرب ، وهم الذين أصرّوا على انتخاب المنافق أبي موسى الأشعري ، ولمّا عقد التحكيم وأعلن أبو موسى عزل الإمام عن منصبه ، وأعلن ابن العاص إقامة سيّده معاوية في مركزه أسفوا على ما فرّطوا في أمر المجتمع الإسلامي ، واستبانت لهم المكيدة التي دبّرها ابن العاص في رفع المصاحف ، وعابوا على الإمام وكفّروه لاستجابته لهم ، وفي الحقيقة هم الذين يتحمّلون جميع المسؤوليّات الناجمة عن ذلك .
ولمّا نزح جيش الإمام من صفّين إلى الكوفة لم يدخلوا معه إليها ، وإنّما انحازوا إلى حروراء فنسبوا إليها ، وكان عددهم فيما يقول المؤرّخون اثني عشر ألفاً ، وأذّن مؤذّنهم أنّ أمير القتال المنافق شبث بن ربعي الذي كان من قادة الجيش الذي حارب ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآله الإمام الحسين عليهالسلام .
كما نصبوا عبد الله
بن الكوّاء إماماً للصلاة ، وجعلوا الأمر شورى بعد الفتح ، والبيعة لله عزّ وجلّ ، وجعلوا من أهمّ الأحكام التي يقاتلون من أجلها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجعلوا شعارهم : « لا حكم إلّا لله » ، ولكنّهم سرعان
ما تنكّروا لهذا الشعار ، فجعلوا الحكم للسيف وذلك بما أراقوه من دماء الأبرياء ،