والله لا تذوق منه جرعة حتىٰ تذوق الحميم في نار جهنم (١) .
وكان هذا الوغد الأثيم ممّن كاتب الإمام الحسين عليهالسلام بالقدوم إلى الكوفة .
وانبرى جلف آخر من أوغاد أهل الكوفة وهو عبد الله بن الحصين الأزدي فنادى بأعلى صوته لتسمعه مخابرات ابن مرجانة فينال منه جوائزه وهباته ، قائلاً : يا حسين ألا تنظر إلى الماء كأنّه كبد السماء ، والله لا تذوق منه قطر حتّى تموت عطشاً .
فرفع الإمام يديه بالدعاء عليه قائلاً : اللَّهُمَّ اقْتُلْهُ عَطَشَاً ، وَلَا تَغْفِرْ لَهُ أَبَداً (٢) .
لقد تمادى هؤلاء الممسوخون بالشرّ ، وسقطوا في هوّة سحيقة من الجرائم والآثام ما لها من قرار .
والتاع أبو الفضل أشدّ ما تكون اللوعة ألماً ومحنة حينما رأى أطفال أخيه وأهل بيته وهم يستغيثون من الظمأ القاتل ، فانبرى الشهم النبيل لتحصيل الماء وأخذه بالقوّة ، وقد صحب معه ثلاثين فارساً وعشرين راجلاً ، وحملوا معهم عشرين قربة ، وهجموا بأجمعهم على نهر الفرات ، وقد تقدّمهم نافع بن هلال المرادي ، وهو من أفذاذ أصحاب الإمام الحسين ، فاستقبله عمرو بن الحجّاج الزبيدي ، وهو من مجرمي حرب كربلاء ، وقد عهد إليه حراسة الفرات ، فقال لنافع : ما جاء بك ؟
ـ جئنا لنشرب الماء الذي حلّأتمونا عنه .
ـ اشرب هنيئاً .
__________________________
(١) أنساب الأشراف : ٣ : ٣٩٠ .
(٢) تاريخ الاُمم والملوك :٤ : ٣١٢ . الكامل في التاريخ : ٣ : ٢٨٣ . الصراط السوي في مناقب آل النبيّ : ٨٦ . وفي أنساب الأشراف : ٣ : ٣٨٩ : « ابن حصن » .