لاستقرّت له الاُمور ، وما مُني بالتمرّد والانحلال ، إلّا أنّه ابتعد عن ذلك ابتعاداً مطلقاً لأنّه لا تبيحه شريعة الله .
لقد كان منهج الإمام الحسن عليهالسلام في سياسته واضحاً لا لبس فيه ولا غموض ، وهو التمسّك بالحقّ ، وعدم السلوك في المنعطفات ، واجتناب الطرق الملتوية ، وان أدّت إلى الظفر والنصر .
وبادر معاوية إلى إعلان الحرب على سبط رسول الله صلىاللهعليهوآله لأنّه على علم بما مُني به جيش الإمام من الانحلال والخيانة ، فأغلب قادة الفرق ، وضبّاط الجيش ، وسائر المراتب قد رشاهم معاوية بذهبه وأمواله ، ومنّاهم بالوظائف العالية ، كما كاتب بعضهم بأن يزوّجه بإحدى بناته ، فقد استعمل الرشوة معهم على نطاق واسع ، وقد استجابوا له ، وضمنوا له تسليم الإمام أسيراً متى شاء وأراد ، أو اغتياله ، وقد حفّزته هذه العوامل لاستعجال الحرب وحسم الموقف لصالحه .
وزحف معاوية بجيوشه المتماسكة والمطيعة صوب العراق ، ولمّا علم الإمام الحسن عليهالسلام بذلك جمع قوّاته وأعلمهم بالأمر ، ودعاهم إلى الجهاد وردّ العدوان ، فوجموا وساد عليهم الذعر والخوف ، فلم يجبه أحد منهم ، فقد آثروا العافية ، وسئموا من الحرب .
ولمّا رأى تخاذلهم الزعيم الكبير عديّ بن حاتم تميّز غيظاً وغضباً ، واندفع بحماس بالغ نحوهم فجعل يؤنّبهم على هذا التخاذل ، وأعلن استجابته المطلقة لدعوة الإمام ، ودعم موقفه كلّ من الزعيم الشريف قيس بن سعد بن عبادة ، ومعقل بن قيس الرياحي ، وزياد بن صعصعة التميمي ، فأخذوا يلومونهم على هذا الموقف الذي ليس فيه شرف ولا إنصاف ، ويبعثونهم إلى ساحات الجهاد .
وخرج الإمام الحسن عليهالسلام من فوره لمقابلة معاوية ، وسار معه أخلاط من الناس ،