إلى بعض بيوت البصرة ، ولم يتّخذ الإمام معها الاجراءات الصارمة ، وعاملها معاملة المحسن الكريم ، وسارع الإمام فسرّحها تسريحاً جميلاً إلى يثرب ، لتقرّ في بيتها الذي أمرها الله ورسوله أن تسكن فيه ، ولا تتدخّل بمثل هذه الاُمور التي ليست هي مسؤولة عنها .
وانتهت هذه الفتنة التي أسماها المؤرّخون ( بحرب الجمل ) ، وقد أشاعت في ربوع المسلمين الثكل والحزن والحِداد ، ومزّقت صفوفهم ، وألقتهم في شرّ عظيم .
ومن المؤكّد أنّ دوافع هذه الحرب لم تكن سليمة ، ولم تكن حجّة عائشة وحزبها منطقيّة ، وإنّما كانت من أجل المطامع والكراهية الشديدة لحكم الإمام الذي فقدوا في ظلاله جميع الامتيازات الخاصّة ، وعاملهم الإمام كما يعامل سائر المسلمين .
لقد شاهد أبو الفضل العبّاس عليهالسلام هذه الحرب الدامية ، ووقف على أهدافها الرامية للقضاء على حكم أبيه رائد العدالة الاجتماعيّة في الأرض ، وقد استبان له أحقاد القبائل القرشيّة له ، واستبان له أنّ الدين لم ينفذ إلى أعماق قلوبهم ، وإنّما كانوا يلوكونه بألسنتهم حفظاً لدمائهم ومصالحهم .
وفي طليعة القوى المعارضة لحكومة الإمام والمعادية له ، معاوية بن أبي سفيان ، وبنو اُميّة ، فقد نزع الله الإيمان من قلوبهم ، وأركسهم في الفتنة ركساً ، فكانوا من ألدّ أعداء الإمام ، كما كانوا من قبل من أعداء لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، فهم الذين ناهضوا دعوته ، وكفروا برسالته ، وكادوا له في غلس الليل وفي وضح النهار ، حتّى أعزّه الله وأذلّهم ، ونصره وقهرهم ، وقد دخلوا في الإسلام مكرهين لا مؤمنين به ، ولولا سماحة خلق النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وعظيم رأفته ورحمته ، لما أبقى لهم ظلّاً على الأرض ، إلّا أنّه صلىاللهعليهوآله منحهم العفو كما منح غيرهم من أعدائه .
ولم يكن للأمويّين أي
شأن يذكر أيّام النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقد قبعوا بالذلّ والهوان ينظر